Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 2-2)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في قوله تعالى { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } وجهان من التفسير وكلاهما يشهد له القرآن الأول - أن المعنى ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى . أي لتتعب التعب الشديد بفرط تأسفك عليهم وعلى كفرهم . وتحسرهم على أن يؤمنوا . وهذا الوجه جاءت بنحوه آيات كثيرة كقوله تعالى { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } فاطر 8 الآية وقوله تعالى { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } الكهف6 وقوله { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } الشعراء 3 . والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً وقد قدمنا في مواضع من هذا الكتاب المبارك . الوجه الثاني - أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالليل حتى تورَّمتْ قدماه فأنزل الله { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } أي تنهك نفسك بالعبادة وتذيقها المشقة الفادحة . وما بعثناك إلا بالحنيفية السمحة . وهذا الوجه تدل له ظواهر آيات من كتاب الله كقوله { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } الحج 78 وقوله { يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ } البقرة 185 . والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . ويفهم من قوله { لتشقى } أنه أُنزل عليه ليسعد . كما يدل له الحديث الصحيح " من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين " وقد روى الطبراني عن ثعلبة بن الحكم رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن الله يقول للعلماء يوم القيامة إني لم أجعل علمي وحكتمي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي " وقال ابن كثير إن إسناده جيد ويشبه معنى الآية على هذا القول الأخير قوله تعالى { فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ } المزمل 20 الآية . وأصل الشقاء في لغة العرب العناء والتعب ومنه قول أبي الطيب @ ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم @@ ومنه قوله تعالى { فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } طه 117 .