Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 68-68)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة : أنه إن جادله الكفار : أي خاصموه بالباطل وكذبوه ، أن يقول لهم : الله أعلم بما تعملون . وهذا القول الذي أمر به تهديد لهم فقد تضمنت هذه الآية أمرين : أحدهما : أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يهددهم بقوله : الله أعلم بما تعملون : أي من الكفر ، فمجازيكم عليه أشد الجزاء . الثاني : الإعراض عنهم ، وقد أشار تعالى للأمرين اللذين تضمنتهما هذه الآية في غير هذا الموضع . أما إعراضه عنهم عند تكذيبهم له بالجدال الباطل فمن المواضع التي أشير له فيها قوله تعالى { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [ يونس : 41 ] . وأما تهديدهم فقد أشار له في مواضع كقوله { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } [ الأحقاف : 8 ] وقوله { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الأنعام : 147 ] فقوله { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ } الآية فيه أشد الوعيد للمكذبين ، كما قال { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [ المرسلات : 15 ] في مواضع متعددة ، وهم إنما يكذبونه بالجدال ، والخصام بالباطل . وقد أمره الله في غير هذا الموضع أن يجادلهم بالتي هي أحسن وذلك في قوله { وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ النحل : 125 ] وقوله { وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ العنكبوت : 46 ] وبين له أنهم لا يأتونه بمثل ليحتجوا عليه به بالباطل ، إلا جاءه الله بالحق الذي يدمغ ذلك الباطل ، مع كونه أحسن تفسيراً وكشفاً وإيضاحاً للحقائق وذلك في قوله { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } [ الفرقان : 33 ] .