Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 17-17)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في قوله تعالى طرائق ، وجهان من التفسير : أحدهما : أنها قيل لها طرائق ، لأن بعضها فوق بعض من قولهم : طارق النعل إذا صيرها طاقاً فوق طاق ، وركب بعضها عَلَى بعض ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " كأن وجوههم المجان المطرقة " أي التراس التي جعلت لها طبقات بعضها فوق بعض ، ومنه قول الشاعر يصف نعلاً له مطارقة : @ وطراق من خلفهن طراق ساقطات تلوي بها الصحراء @@ يعني : نعال الإبل ، ومنه قولهم : طائر طراق الريش ، ومطرقة إذا ركب بعض ريشه بعضاً ، ومنه قول زهير يصف بازياً : @ أهوى لها أسفع الخدين مطرق ريش القوادم لم تنصب له الشبك @@ وقول ذي الرمة يصف بازياً أيضاً : @ طراق الخوافي واقع فوق ريعه ندى ليله في ريشه يترقرق @@ وقول الآخر يصف قطاة : @ سكاء مخطومة في ريشها طرق سود قوادمها كدر خوافيها @@ فعلى هذا القول فقوله { سَبْعَ طَرَآئِقَ } يوضح معناه قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً } [ نوح : 15 ] الآية ، وهذا قول الأكثر . الوجه الثاني : أنها قيل لها طرائق ، لأنها طرق الملائكة في النزول والعروج ، وقيل : لأنها طرائق الكواكب في مسيرها ، وأما قول من قال قيل لها طرائق لأن الكل سماء طريقة ، وهيأة غير هيأة الأخرى وقول من قال : طرائق ؟ أي مبسوطات فكلاهما ظاهر البعد ، وقوله تعالى : { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } قد قدمنا أن معناه كقوله { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ } [ الحج : 65 ] لأن من يمسك السماء لو كان يغفل لسقطت فأهلكت الخلق كما تقدم إيضاحه وقال بعضهم { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } بل نحن القائمون بإصلاح جميع شؤونهم ، وتيسير كل ما يحتاجون إليه وقوله { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ } يعني السموات ، مع عظمها فلا شك أنه قادر على خلق الإنسان كقوله تعالى { لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } [ غافر : 57 ] وقوله تعالى : { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا } [ النازعات : 27 ] الآية . وقوله : { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم } [ يس : 81 ] والآيات بمثل هذا متعددة . وقد قدمنا براهين البعث التي هذا البرهان من جملتها ، وأكثرنا من أمثلتها وهي مذكورة هنا ، ولم نوضحها هنا لأنا أوضحناها فيما سبق في النحل والبقرة . والعلم عند الله تعالى .