Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 54-54)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أمر جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذر الكفار أي يتركهم في غمرتهم إلى حين ، أي وقت معين عند الله ، والظاهر أنه وقت انقضاء آجالهم بقتل أو موت ، وصيرورتهم إلى ما هم صائرون إليه بعد الموت من العذاب البرزخي ، والأخروي ، وكون المراد بالحين المذكور : وقت قتلهم ، أو موتهم ذكره الزمخشري عن علي رضي الله عنه ، بغير سند . وأقوال أهل العلم في معنى غمرتهم راجعة إلى شيء واحد كقول الكلبي في غمرتهم : أي جهالتهم : وقول ابن بحر : في حيرتهم ، وقول ابن سلام : في غفلتهم ، وقول بعضهم : في ضلالتهم فمعنى كل هذه الأقوال واحد ، وهو أنه ، أمره أن يتركهم فيما هم فيه من الكفر والضلال ، والغي والمعاصي قال الزمخشري : الغمرة : الماء الذي يغمر القامة فضربت مثلاً لما هم مغمورون فيه من جهلهم ، وعمايتهم أو شبهوا باللاعبين في غمرة الماء لما هم عليه من الباطل ، قال ذو الرمة : @ ليالي اللهو يطبيني فأتبعه كأنني ضارب في غمرة لعب @@ وصيغة الأمر في قوله { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ } للتهديد ، وقد تقرر في فن الأصول في مبحث الأمر وفي فن المعاني في مبحث الإنشاء ، أن من المعاني التي تأتي لها صيغة أفعل التهديد وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة ، من تهديد الكفار الذين كذبوا نبينا صلى الله عليه وسلم ، جاء موضحاً في مواضع أخر . كقوله { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [ الحجر : 3 ] وقوله تعالى : { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } [ الطارق : 17 ] وقوله { قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } [ إبراهيم : 30 ] وقوله : { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } [ الزمر : 8 ] . وقد أوضحنا الآيات الدالة على هذا المعنى في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى : { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ } [ الحجر : 3 ] الآية ، وتكلمنا هناك على لفظ ذرهم .