Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 96-98)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا الذي تضمنته هذه الآيات الثلاث مما ينبغي أن يعامل به شياطين الإنس وشياطين الجن . قد قدمنا الآيات الدالة عليه بإيضاح في آخر سورة الأعراف ، في الكلام على قوله تعالى : { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ } [ الأعراف : 199 - 200 ] الآية . وقوله في هذه الآية : { بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي بالخصلة التي هي أحسن الخصال ، والسيئة مفعول ادفع ووزن السيئة ، فيعلة أصلها : سيوئة وحروفها الأصلية السين والواو والهمزة ، وقد زيدت الياء الساكنة بين الفاء والعين ، فوجب إبدال الواو التي هي عين الكلمة ياء وإدغام ياء الفيعلة الزائدة فيها على القاعدة التصريفية المشارك بقول ابن مالك في الخلاصة : @ إن يسكن السابق من واو ويا واتصلا ومن عروض عريا فياء الواو اقلبن مدغماً وشذ معطى غير ما قد رسما @@ كما قدمناه مراراً . والسيئة في اللغة : الخصلة من خصال السوء . وقوله تعالى : { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } أي بما تصفه ألسنتهم من الكذب في تكذيبهم لك ، وادعائهم الأولاد والشركاء لله . وقد قدمنا في سورة المائدة أن اللين والصفح المطلوب في آيات القرآن بعد نزول القتال إنما هو بالنسبة إلى المؤمنين ، دون الكافرين في الكلام على قوله تعالى : { أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ المائدة : 54 ] وبينا الآيات الدالة على ذلك كقوله في النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه { أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } [ الفتح : 29 ] وقوله : { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } [ الحجر : 88 ] وقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } [ التحريم : 9 ] إلى آخر ما تقدم . وقوله في هذه الآية : { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } الهمزات : جمع همزة وهي المرة من فعل الهمز ، وهو في اللغة : النخس والدفع ، وهمزات الشياطين : نخساتهم لبني آدم ليحثوهم ، ويحضوهم على المعاصي ، كما أوضحنا الكلام عليه في قوله تعالى : { أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } [ مريم : 83 ] وكقوله تعالى : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } [ الزخرف : 36 - 37 ] الآية . والظاهر في قوله : { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } أن المعنى : أعوذ بك أن يحضرني الشيطان في أمر من أموري كائناً ما كان ، سواء كان ذلك وقت تلاوة القرآن ، كما قال تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } [ النحل : 98 ] أو عند حضور الموت أو غير ذلك من جميع الشؤون في جميع الأوقات . والعلم عند الله تعالى .