Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 21-21)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } . بين جل وعلا في هذه الآية ، أنه لولا فضله ورحمته ، ما زكا أحد من خلقه ولكنه بفضله ورحمته يزكي من يشاء تزكيته من خلقه . ويفهم من الآية أنه لا يمكن أحداً أن يزكي نفسه بحال من الأحوال ، وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء مبيناً في غير هذا الموضع كقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ } [ النساء : 49 ] الآية . وقوله تعالى : { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } [ النجم : 32 ] . والزكاة في هذه الآية : هي الطهارة من أنجاس الشرك ، والمعاصي . وقوله : { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآء } أي يطهره من أدناس الكفر والمعاصي بتوفيقه وهدايته إلى الإيمان والتوبة النصوح ، والأعمال الصالحة . وهذا الذي دلت عليه هذه الآية المذكورة لا يعارضه قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } [ الشمس : 9 ] ولا قوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } [ الأعلى : 14 ] على القول بأن معنى تزكى تطهر من أدناس الكفر والمعاصي ، لا على أن المراد بها خصوص زكاة الفطر ، ووجه ذلك في قوله : من زكاها أنه لا يزكيها إلا بتوفيق الله وهدايته إياه للعمل الصالح ، وقبوله منه . وكذلك الأمل في قوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } [ الأعلى : 14 ] كما لا يخفى . والأظهر أن قوله : { مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ } الآية : جواب لولا التي تليه ، خلافاً لمن زعم أنه جواب لولا في قوله : { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ النور : 20 ] وقد تكرر في الآيات التي قبل هذه الآية حذف جواب لولا ، لدلالة القرائن عليه .