Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 34-34)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الكفار يحشرون على وجوههم إلى جهنم يوم القيامة ، وأنهم شر مكاناً ، وأضل سبيلاً . وبين في مواضع أخر أنهم تكب وجوههم في النار ويسحبون على وجوههم فيها ، كقوله تعالى : { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } [ النمل : 90 ] الآية ، وقوله تعالى : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } [ الأحزاب : 66 ] الآية وقوله تعالى : { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } [ القمر : 48 ] وبين جل وعلا في سورة بني إسرائيل أنهم يحشرون على وجوههم ، وزاد مع ذلك أنهم يحشرون عمياً وبكماً وصماً ، وذكر في سورة طه أن الكافر يحشر أعمى . قال في سورة بني إسرائيل : { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } [ الإسراء : 97 ] وقال في سورة طه { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا } [ طه : 124ـ126 ] الآية . وقد بينا وجه الجمع بين آية بني إسرائيل وآية طه المذكورتين مع الآيات الدالة على أن الكفار يوم القيامة يبصرون ويتكلمون ويسمعون كقوله تعالى : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } [ مريم : 38 ] وقوله تعالى : { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } [ السجدة : 12 ] وقوله تعالى : { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا } [ الكهف : 53 ] في سورة طه في الكلام على قوله تعالى : { وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ } [ طه : 124 ] وكذلك بينا أوجه الجمع بين الآيات المذكورة في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في الكلام على آية بني إسرائيل المذكورة . وصيغة التفضيل في قوله : { أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً } قد قدمنا الكلام في مثلها في الكلام على قوله : { أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وَعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } [ الفرقان : 15 ] والمكان محل الكينونة . والظاهر أنه يكون حسياً ، ومعنوياً . فالحسي ظاهر ، والمعنوي كقوله تعالى : { قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } [ يوسف : 77 ] الآية ، والسبيل الطريق وتذكر وتؤنث كما تقدم ، ومن تذكير السبيل قوله تعالى : { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } [ الأعراف : 146 ] ومن تأنيثها قوله تعالى : { قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ أَدْعُو إِلَىٰ ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ } [ يوسف : 108 ] الآية .