Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 40-40)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أقسم جل وعلا في هذه الآية ، أن الكفار الذين كذبوا نبينا صلى الله عليه وسلم ، قد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء ، وهو أن الله أمطر عليها حجارة من سجيل ، وهي سدوم قرية قوم لوط ، وهذان الأمران المذكوران في هذه الآية الكريمة ، وهما أن الله أمطر هذه القرية مطر السوء الذي هو حجارة السجيل ، وأن الكفار أتوا عليها ، ومروا بها جاء موضحاً في آيات أخرى . أما كون الله أمطر عليها الحجارة المذكورة ، فقد ذكره جل وعلا في آيات كثيرة كقوله تعالى : { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } [ الحجر : 74 ] ، وبين في سورة الذاريات أن السجيل المذكور نوع من الطين ، وذلك في قوله تعالى : { قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } [ الذاريات : 32ـ33 ] ، ولا شك أن هذا الطين وقعه أليم ، شديد مهلك . كقوله تعالى : { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } [ الشعراء : 173 ] ، وقوله تعالى : { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } [ الحجر : 72ـ74 ] الآية . وأما كونهم قد أتوا على تلك القرية المذكورة فقد جاء موضحاً أيضاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى : { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وَبِٱلْلَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 137ـ138 ] المراد بأنهم مروا على قرية قوم لوط ، أن مرورهم عليها ، ورؤيتهم لها خالية من أهلها ليس فيها داع ، ولا مجيب ، لأن الله أهلك أهلها جميعاً لكفرهم وتكذيبهم رسوله لوطا فيه أكبر واعظ وأعظم زاجر عن تكذيب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، لئلا ينزل بالذين كذبوه مثل ما نزل بقوم لوط من العذاب والهلاك ، ولذا وبخهم على عدم الاعتبار بما أنزل بها من العذاب كقوله في آية الصافات المذكورة : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ، وكقوله تعالى : في آية الفرقان هذه : { أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } فقوله : أفلم يكونوا يرونها : توبيخ لهم على عدم الاعتبار كقوله في الآية الأخرى : أفلا تعقلون ، ومعلوم أنهم يمرون عليها مصبحين ، وبالليل وأنهم يرونها ، وكقوله تعالى : { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } [ الحجر : 74ـ76 ] يعني : أن ديار قوم لوط بسبيل مقيم ، أي بطريق مقيم ، يمرون فيه عليها في سفرهم إلى الشام ، وقوله تعالى : { بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } ، أي لا يخافون بعثاً ، ولا جزاء أو لا يرجعون بعثاً وثواباً .