Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 4-4)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الذين كفروا وكذبوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا في هذا القرآن العظيم ، الذي أوحاه الله إليه : { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ } : أي ما هذا القرآن إلا كذب اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم وأعانه عليه على الإفك الذي افتراه قوم آخرون ، قيل : اليهود ، وقيل : عداس مولى حويطب بن عبد العزى ، ويسار مولى العلاء بن الحضرمي ، وأبو فكيهة الرومي ، قال ذلك النَّصر بن الحر العبدري . وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن الكفار كذبوه وادعوا عليه أن القرآن كذب اختلقه ، وأنه أعانه على ذلك قوم آخرون جاء مبيناً في آيات أخر كقوله تعالى : { وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } [ ص : 4 ] وقوله تعالى : { وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [ النحل : 101 ] وقوله تعالى : { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ } [ ق : 5 ] وقوله تعالى : { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ } [ الأنعام : 66 ] الآية . والآيات في ذلك كثيرة معلومة . وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنهم افتروا على النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه أعانه على افتراء القرآن قوم آخرون جاء أيضاً موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [ النحل : 103 ] وقوله تعالى : { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } [ المدثر : 24 ] أي يرويه محمد صلى الله عليه وسلم عن غيره إن هذا إلا قول البشر ، وقوله تعالى : { وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ } [ الأنعام : 105 ] كما تقدم إيضاحه في الأنعام ، وقد كذبهم الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة فيما افتروا عليه من البهتان بقوله : { فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } قال الزمخشري ظلمهم : أن جعلوا العربي يتلقن من الأعجمي الرومي كلاماً عربياً أعجز بفصاحته جميع فصحاء العرب والزور هو أن بهتوه بنسبه ما هو بريء منه إليه انتهى . وتكذيبه جل وعلا لهم في هذه الآية الكريمة ، جاء موضحاً في مواضع أخر من كتاب الله ، كقوله تعالى : { لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ } [ النحل : 103 ] كما تقدم إيضاحه في سورة النحل وقوله : { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } [ الأنعام : 66 ] وقوله تعالى : { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } [ المدثر : 24ـ27 ] الآية ، لأن قوله : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } بعذ ذكر افترائه على القرآن العظيم يدل على عظم افترائه وأنه سيصلى بسببه عذاب سقر ، أعاذنا الله وإخواننا المسلمين منها ، ومن كل ما قرب إليها من قول وعمل . واعلم أن العرب تستعمل جاء وأتى بمعنى : فعل . فقوله : { فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } أي فعلوه وقيل بتقدير الباء : أي جاءوا بظلم ، ومن إتيان بمعنى فعل قوله تعالى : { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ } [ آل عمران : 188 ] الآية . أي بما فعلوه . وقول زهير بن أبي سلمى : @ فما يك من خير أتوه فإنما توارثه آباء آبائهم قبل @@ واعلم بأن الإفك هو أسوأ الكذب ، لأنه قلب للكلام عن الحق إلى الباطل ، والعرب تقول : أفكه بمعنى قلبه . ومنه قوله تعالى في قوم لوط { وَٱلْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ } [ التوبة : 70 ] وقوله { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } [ النجم : 53 ] وإنما قيل لها مؤتفكات ، لأن الملك أفكها أي قبلها كما أوضحه تعالى بقوله تعالى { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا } [ الحجرات : 74 ] .