Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 73-73)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال الزمخشري : لم يخروا عليها ليس بنفي للخرور ، وإنما هو إثبات له ، ونفي للصمم والعمى كما تقول : لا يلقاني زيد مسلماً ، هو نفي للسلام لا للقاء . والمعنى : أنهم إذا ذكروا بها أكبوا عليها ، حرصاً على استماعها وأقبلوا على المذكر بها ، وهم في إكبابهم عليها سامعون بآذان واعية مبصرون بعيون راعية . انتهى محل الغرض منه . ولا يخفى أن لهذه الآية الكريمة دلالتين : دلالة بالمنطوق ، ودلالة بالمفهوم ، فقد دلت بمنطوقها على أن من صفات عباد الرحمن ، أنهم إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها ، لم يكبوا عليها في حال كونهم صماً عن سماع ما فيها من الحق ، وعمياناً عن إبصاره ، بل هم يكبون عليها سامعين ما فيها من الحق مبصرين له . وهذا المعنى دلت عليه آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى : { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً } [ الأنفال : 2 ] الآية . ومعلوم أن من تليت عليه آيات هذا الفرقان ، فزادته إيماناً أنه لم يخر عليها أصم أعمى . وكقوله تعالى : { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ التوبة : 124 ] وقوله تعالى : { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } [ الزمر : 23 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقد دلت الآية المذكورة أيضاً بمفهومها : أن الكفرة المخالفين ، لعباد الرحمن الموصوفين في هذه الآيات ، إذا ذكروا بآيات ربهم خروا عليها صماً وعمياناً : أي لا يسمعون ما فيها من الحق ، ولا يبصرونه ، حتى كأنهم لم يسمعوها أصلاً . وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية بمفهومها جاء موضحاً في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى في سورة لقمان : { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ لقمان : 7 ] وقوله تعالى في الجاثية : { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ ٱللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً ٱتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [ الجاثية : 7ـ9 ] وقوله تعالى : { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } [ البقرة : 124ـ125 ] الآية . إلى غير ذلك من الآيات . والظاهر أن معنى خرور الكفار على الآيات ، في حال كونهم صماء وعمياناً ، هو إكبابهم على إنكارها ، والتكذيب بها ، خلافاً لما ذكره الزمخشري في الكشاف ، والصم في الآية جمع أصم : والعميان جمع أعمى والعلم عند الله تعالى .