Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 227-227)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى : { وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً } [ الكهف : 2 ] الآية . مع شواهده العربية . وقوله تعالى : { وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } . أثنى الله تعالى في هذه الآية الكريمة على الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، بذكرهم الله كثيراً ، وهذا الذي أثنى عليهم به هنا من كثرة ذكر الله ، أمر به في آيات أخر وبين جزاءه قال تعالى : { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الجمعة : 10 ] ، وقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } [ الأحزاب : 41ـ42 ] وقال تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } [ آل عمران : 190ـ191 ] الآية . وقال تعالى : { وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [ الأحزاب : 35 ] . قوله تعالى : { وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } . قد قدمنا الآيات الموضحة له كقوله تعالى : { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ } [ الشورى : 41ـ42 ] وفي آخر سورة النحل على قوله تعالى : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } [ النحل : 126 ] . قوله تعالى : { وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } . المنقلب هنا المرجع والمصير . والأظهر أنه هنا مصدر ميمي ، وقد تقرر في فن الصرف أن الفعل إذا زاد على ثلاثة أحرف كان كل من مصدره الميمي ، واسم مكانه واسم زمانه على صيغة اسم المفعول . والمعنى : وسيعلم الذين ظلموا أي مرجع يرجعون . وأي مصير يصيرون ، وما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، من أن الظالمين سيعلمون يوم القيامة المرجع الذي يرجعون : أي يعلمون العاقبة السيئة التي هي مآلهم ، ومصيرهم ومرجعهم ، جاء في آيات كثيرة كقوله تعالى : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } [ التكاثر : 3ـ7 ] ، وقوله تعالى : { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } [ الفرقان : 42 ] ، وقوله تعالى : { وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ } [ الرعد : 42 ] والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً ، وقوله : { أَيَّ مُنقَلَبٍ } ما ناب عن المطلق من قوله : { يَنقَلِبُونَ } وليس مفعولاً به لقوله : { وَسَيَعْلَمْ } ، قال القرطبي رحمه الله : وأي منصوب بينقلبون ، وهو بمعنى المصدر ، ولا يجوز أن يكون منصوباً بسيعلم لأن أيا أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها فيما ذكره النحويون ، قال النحاس : وحقيقة القول في ذلك أن الاستفهام معنى وما قبله معنى آخر فلو عمل فيه ما قبله ، لدخل بعض المعاني في بعض : انتهى منه . والعلم عند الله تعالى .