Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 6-6)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } . قال ابن كثير : أي في الحرمة والاحترام والتوقير والإكرام والإعظام ، ولكن لا يجوز الخلوة بهن ، ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن ، وأخواتهن بالإجماع اهـ . محل الغرض منه ، وما ذكر من أن المراد بكون أزوجه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين هو حرمتهن عليهم ، كحرمة الأم ، واحترامهم لهن ، كاحترام الأم إلخ . واضح لا إشكال فيه ، ويدل له قوله تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } [ الأحزاب : 53 ] ، لأن الإنسان لا يسأل أمه الحقيقية من وراء حجاب وقوله تعالى : { إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ } [ المجادلة : 2 ] ومعلوم أنهن رضي الله عنهن ، لم يلدن جميع المؤمنين الذين هن أمهاتهم ، ويفهم من قوله تعالى : { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } أنه هو صلى الله عليه وسلم أب لهم وقد روي عن أبي بن كعب ، وابن عباس أنهما قرءا : وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم ، وهذه الأبوة أبوة دينية ، وهو صلى الله عليه وسلم أرأف بأمته من الوالد الشفيق بأولاده ، وقد قال جل وعلا في رأفته ورحمته بهم : { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 128 ] ، وليست الأبوة أبوة نسب كما بينه تعالى بقوله : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } [ الأحزاب : 40 ] ، ويدل لذلك أيضاً حديث أبي هريرة عند أبي داود والنسائي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطب بيمينه " وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة . فقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " إنما أنا لكم بمنزلة الوالد " يبين معنى أبوته المذكورة كما لا يخفى . مسألة اعلم أن أهل العلم اختلفوا هل يقال لبنات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أخوات المؤمنين أو لا ؟ وهل يقال لإخوانهن كمعاوية ، وعبد الله بن أبي أمية أخوال المؤمنين أو لا ؟ وهل يقال لهن : أمهات المؤمنات ؟ قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن ، وأخواتهن بالإجماع ، وإن سمى بعض العلماء بناتهن أخوات المسلمين ، كما هو منصوص الشافعي رضي الله عنه في المختصر ، وهو من باب إطلاق العبارة لا إثبات الحكم ، وهل يقال لمعاوية ، وأمثاله خال المؤمنين فيه قولان للعلماء رضي الله عنهم ؟ ونص الشافعي رضي الله عنه ، على أنه لا يقال ذلك . وهل يقال لهن : أمهات المؤمنات ، فيدخل النساء في الجمع المذكر السالم تغليباً فيه قولان ؟ صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لا يقال ذلك ، وهذا أصح الوجهين في مذهب الشافعي رضي الله عنه . انتهى محل الغرض من كلام ابن كثير . قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : الأظهر عندي في ذلك أنه لا يطلق منه إلا ما ورد النص بإطلاقه ، لأن الإطلاق المراد به غير الظاهر المتبادر يحتاج إلى دليل صارف إليه ، والعلم عند الله تعالى .