Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 28-28)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً } . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الأعراف ، في الكلام على قوله تعالى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } [ الأعراف : 158 ] وفي غير ذلك من المواضع . وقوله تعالى : { إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ } ، استشهد به بعض علماء العربية على جواز تقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف كما أشار له ابن مالك في الخلاصة بقوله : @ وسبق حال ما بحرف جر قد أبوا ولا أمنعه فقد ورد @@ قالوا : لأن المعنى : وما أرسلناك إلا للناس كافة : أي جميعاً أي أرسلناك للناس ، في حال كونهم مجتمعين في رسالتك ، وممَّن أجاز أبو علي الفارسي وابن كيسان ، وابن برهان ، ولذلك شواهد في شعر العرب ، كقلو طليحة بن خويلد الأسدي : @ فإن تك أذواد أصبن ونسوة فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال @@ وكقول كثير : @ لئن كان برد الماء هيمان صادياً إلى حبيباً إنها لحبيب @@ وقول الآخر : @ تسليت طرا عنكم بعد بينكم بذكركم حتى كأنكم عندي @@ وقول الآخر : @ غافلاً تعرض المنية للمر ء فيدعي ولات حين إباء @@ وقوله : @ مشغوفة بك قد شغفت وإنما حم الفراق فما إليك سبيل @@ وقوله : @ إذا المرء أعيته المروءة ناشئاً فمطلبها كهلاً عليه شديد @@ فقوله في البيت الأول فرغاً : أي هدراً حال ، وصاحبه المجرور بالباء الذي هو بقتل ، وحبال اسم رجل . وقوله في البيت الثاني : هيمان صادياً ، حالان من ياء المتكلم المجرورة بإلى في قوله : إليَّ حبيباً . وقوله في البيت الثالث : طراً ، حال من الضمير المجرور بعن في قوله : عنكم ، وهكذا وتقدّم الحال على صاحبها المجرور بالحرف منعه أغلب النحويين . وقال الزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً } إلا رسالة عامة لهم محيطة بهم ، لأنها إذا شملتهم ، فإنها قد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم . وقال الزجاج : المعنى : أرسلناك جامعاً للناس في الإنذار والإبلاغ فجعله حالاً من الكاف ، وحقّ الثاء على هذا أن تكون للمبالغة كتاء الراوية ، والعلامة ، ومن جعله حالاً من المجرور متقدماً عليه فقد أخطأ ، لأنّ تقدُّم حال المجرور عليه في الإحالة بمنزلة تقدُّم المجرور على الجار ، وكم ترى ممن يرتكب هذا الخطأ ثم لا يقنع به حتى يضم إليه أن يجعل اللام بمعنى إلى لأنه لا يستوي له الخطأ الأول إلا بالخطأ الثاني ، فلا بدّ له من ارتكاب الخطأين . اهـ منه . وقال الشيخ الصبان في حاشيته على الأشموني : جعل الزمخشري . كافّة صفة لمصدر محذوف أي رسالة كافة للناس ، ولكن اعترض بأن كافّة مختصة بمن يعقل وبالنصب على الحال كطرا ، وقاطبة . انتهى محل الغرض منه ، وما ذكره الصبان في كافة هو المشهور المتداول في كلام العرب ، وأوضح ذلك أبو حيان في البحر ، والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } . قد بيّنا الآيات الموضحة له في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى : { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ } [ الأنعام : 116 ] الآية . وغير ذلك من المواضع .