Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 2-2)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بيّن جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنّه يعلم ما يلج في الأرض ، أي ما يدخل فيها كالماء النازل من السماء ، الذي يلج في الأرض ، كما أوضحه بقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي ٱلأَرْضِ } [ الزمر : 21 ] الآية . وقوله : { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي ٱلأَرْضِ } [ المؤمنون : 18 ] الآية ، فهو جل وعلا ، يعلم عدد القطر النازل من السماء إلى الأرض ، وكيف لا يعلمه من خلقه : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } [ الملك : 14 ] ويعلم أيضاً ما يلج في الأرض من الموتى الذين يُدفنون فيها ، كما قال جل وعلا { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } [ طه : 55 ] وقال : { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَآءً وَأَمْواتاً } [ المرسلات : 25ـ26 ] والكفات من الكفت : وهو الضم ، لأنها تضمّهم أحياء على ظهرها ، وأمواتاً في بطنها ، ويعلم ما يلج في الأرض من البذر كما قال تعالى : { وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [ الأنعام : 59 ] . وكذلك ما في بطنها من المعادن وغير ذلك . قوله : { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } أي من الأرض كالنبات ، والحبوب والمعادن ، والكنوز ، والدفائن وغير ذلك ، ويعلم ما ينزل من السماء من المطر ، والثلج ، والبرد ، والرزق وغير ذلك ، وما يعرج : أي يصعد فيها أي السماء كالأعمال الصالحة ، كما بينه بقوله : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [ فاطر : 10 ] وكأرواح المؤمنين وغير ذلك كما قال تعالى : { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [ المعارج : 4 ] الآية . وقال تعالى : { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [ السجدة : 5 ] وما ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه يعلم جميع ما ذكره في سورة الحديد في قوله : { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [ الحديد : 4 ] . وقد أوضحنا الآيات الدالة على كمال إحاطة علم الله بكل شيء في أول سورة هود ، في الكلام على قوله تعالى : { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } [ هود : 5 ] الآية ، وفي مواضع أخر متعددة .