Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 52-52)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أنّ الكفار يوم القيامة يؤمنون بالله ، وأنّ ذلك الإيمان لا ينفعهم لفوات وقت نفعه ، الذي هو مدة دار الدنيا جاء موضحاً في آيات كثيرة . وقد قدمنا الآيات الدالة عليه في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى : { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } [ الأعراف : 53 ] الآية . وفي سورة مريم في الكلام على قوله تعالى : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَـٰكِنِ ٱلظَّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ مريم : 38 ] ، وفي غير ذلك من المواضع . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } أنَّى تدل على كمال الاستبعاد هنا ، والتناوش : التناول ، وقال بعضهم : هو خصوص التناول السهل للشيء القريب . والمعنى : أنه يستبعد كلّ الاستبعاد ويبعد كل البعد ، أن يتناول الكفار الإيمان النافع في الآخرة بعد ما ضيّعوا ذلك وقت إمكانه في دار الدنيا ، وقيل الاستبعاد لردّهم إلى الدنيا مرة أخرى ليؤمنوا ، والأول أظهر ، ويدل عليه قوله قبله : { وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ } ومن أراد تناول شيء من مكان بعيد لا يمكنه ذلك . والعلم عند الله تعالى .