Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 9-9)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } . ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من توبيخ الكفار ، وتقريعهم على عدم تفكرهم ونظرهم إلى ما بين أيديهم ، وما خلفهم من السماء والأرض ، ليستدلوا بذلك على كمال قدرة الله على البعث ، وعلى كل شيء ، وأنه هو المعبود وحده جاء موضحاً في مواضع أخر ، كقوله تعالى : { أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } [ ق : 6ـ8 ] { أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىۤ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمَ } [ الأعراف : 185 ] . وقوله تعالى : { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } [ يوسف : 105 ] ، والآيات بمثل ذلك كثيرة معروفة . وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : قال عبد بن حيمد ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر عن قتادة : { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } قال : إنك إن نظرت عن يمينك ، أو عن شمالك أو من بين يديك أو من خلفك ، رأيت السماء والأرض . قوله تعالى : { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أمرين : أحدهما : أنه إن شاء خسف الأرض بالكفار ، خسفها بهم لقدرته على ذلك . والثاني : أنه إن شاء أن يسقط عليهم كسفاً من السماء فعل ذلك أيضاً لقدرته عليه . أما الأول الذي هو أنّه لو شاء أن يخسف بهم الأرض لفعل ، فقد ذكره تعالى في غير هذا الموضع كقوله تعالى : { أَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } [ الملك : 16 ] ، وقوله تعالى : { أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ } [ الإسراء : 68 ] الآية . وقوله تعالى : { لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا } [ القصص : 82 ] ، وقوله تعالى في الأنعام : { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } [ الأنعام : 65 ] الآية . وقوله هنا : { أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } قد بيّنا في سورة بني إسرائيل أنه هو المراد بقوله تعالى عن الكفار : { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً } [ الإسراء : 92 ] الآية . وقرأه حمزة والكسائي : إن يشأ يخسف بهم الأرض ، أو يسقط عليهم كسفاً من السماء بالياء المثناة التحتية في الأفعال الثلاثة . أعني يشأ . ويخسف . ويسقط ، وعلى هذه القراءة فالفاعل ضمير يعود إلى الله تعالى أي إن يشأ هو أي الله يخسف بهم الأرض ، وقرأ الباقون بالنون الدالة على العظمة في الأفعال الثلاثة أي إن نشأ نحن إلخ . وقرأ حفص عن عاصم : كسفاً بفتح السين ، والباقون بسكونها والكسف بفتح السين القطع ، والكسف بسكون السين واحدها .