Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 1-1)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } الآية . الألف واللام في قوله : الحمد لله للاستغراق : أي جميع المحامد ثابت لله جل وعلا ، وقد أثنى جل وعلا على نفسه بهذا الحمد العظيم ، معلماً خلقه في كتابه : أن يثنوا عليه بذلك ، مقترناً بكونه فاطر السموات والأرض ، جاعل الملائكة رسلاً ، وذلك يدل على أنّ خلقه للسماوات والأرض ، وما ذكر معه يدلّ على عظمته ، وكمال قدرته ، واستحقاقه للحمد لذاته لعظمته وجلاله وكمال قدرته مع ما في خلق السماوات والأرض ، من النعم على بني آدم فهو يخلقهما مستحق للحمد للذاته ، ولإنعامه على الخلق بهما ، وكون خلقهما جامعاً بين استحقاق الحمدين المذكورين ، جاءت آيات من كتاب الله تدل عليه أمّا كون ذلك يستوجب حمد الله لعظمته وكماله ، واستحقاقه لكلّ ثناء جميل فقد جاء في آيات من كتاب الله تعالى كقوله تعالى في أول سورة الأنعام : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَاتِ وَٱلنُّورَ } [ الأنعام : 1 ] الآية . وقوله في أول سورة سبأ { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ سبأ : 1 ] الآية . وقوله تعالى في أول سورة الفاتحة : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الفاتحة : 2 ] وقد قدّمنا أن قوله : ربّ العالمين بيّنه قوله تعالى : { قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ } [ الشعراء : 23ـ24 ] . وكقوله تعالى : { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الصافات : 181ـ182 ] وقوله : { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الزمر : 75 ] . وأما استحقاقه للحمد على خلقه بخلق السماوات والأرض ، لما في ذلك من إنعامه على بني آدم فقد جاء في آيات عن كتاب الله ، فقد بيّن تعالى أنه أنعم على خلقه ، بأن سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض في آيات من كتابه كقوله تعالى : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ } [ الجاثية : 13 ] وقوله تعالى : { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ } [ إبراهيم : 33 ] الآية . وقوله تعالى : { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الأعراف : 54 ] وقد قدمنا الآيات الموضحة لمعنى تسخير ما في السماوات لأهل الأرض في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى : { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } الآية [ الحجر : 17 ] . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الحج ، في الكلام على قوله تعالى : { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ } [ الحج : 75 ] . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { فَاطِرِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } أي خالق السماوات والأرض ، ومبدعهما على غير مثال سابق . وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة : قال سفيان الثوري ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض : حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما لصاحبه : أنا فطرتها أي بدأتها .