Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 22-23)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المراد بالذين ظلموا الكفار كما يدلّ عليه قوله بعده : { وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } . وقد قدمنا إطلاق الظلم على الشرك في آيات متعددة كقوله تعالى : { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [ لقمان : 13 ] . وقوله تعالى : { وَٱلْكَافِرُونَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } [ البقرة : 254 ] . وقوله تعالى : { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ يونس : 106 ] . وقد ثبت في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر الظلم بالشرك في قوله تعالى : { وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } [ الأنعام : 82 ] . وقوله تعالى : { وَأَزْوَاجَهُمْ } جمهور أهل العلم منهم : عمر وابن عباس ، على أن المراد به أشباههم ونظراؤهم ، فعابد الوثن مع عابد الوثن ، والسارق مع السارق ، والزاني مع الزاني ، واليهودي مع اليهودي ، والنصراني مع النصراني ، وهكذا وإطلاق الأزواج على الأصناف مشهور في القرآن ، وفي كلام العرب كقوله تعالى : { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا } [ الزخرف : 12 ] الآية . وقوله تعالى : { سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ } [ يس : 36 ] ، وقوله تعالى : { فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } [ طه : 53 ] الآية . وقوله تعالى : { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } [ الحجر : 88 ] إلى غير ذلك من الآيات . فقوله تعالى : { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ } أي اجمعوا الظالمين وأشباههم ونظراءهم ، فاهدوهم إلى النار ليدخلها جميعهم ، وبذلك تعلم أن قول من قال : المراد بأزواجهم نساؤهم اللاتي على دينهم خلاف الصواب . وقوله تعالى : { وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي احشروا مع الكفار الشركاء التي كانوا يعبدونها من دون الله ليدخل العابدون والمعبودات جميعاً النار كما أوضح ذلك بقوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } [ الأنبياء : 98ـ99 ] وقد بيّن تعالى أن الذين عبدوا من دون الله من الأنبياء ، والملائكة ، والصالحين كعيسى وعزير خارجون عن هذا ، وذلك في قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } [ الأنبياء : 101 ] إلى قوله : { هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [ الأنبياء : 103 ] ، وأشار إلى ذلك في قوله تعالى : { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوۤاْ أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } [ الزخرف : 57ـ59 ] الآية . وقوله تعالى : { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } [ الإسراء : 57 ] الآية . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { فَٱهْدُوهُمْ } من الهدي العام : أي دلّوهم وأرشدوهم إلى صراط الجحيم أي طريق النار ليسلكوها إليها ، والضمير في قوله تعالى : { فَٱهْدُوهُمْ } راجع إلى الثلاثة أعني الذين ظلموا ، وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله . وقد دلت هذه الآية أن الهدي يستعمل في الإرشاد والدلالة على الشر ، ونظير ذلك في القرآن قوله : { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } [ الحج : 4 ] ولذلك كان للشرِّ أئمة يؤتم بهم فيه كقوله تعالى : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } [ القصص : 41 ] الآية .