Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 176-176)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } الآية . صرح في هذه الآية الكريمة بأن الأختين يرثان الثلثين ، والمراد بهما الأختان لغير أم ، بأن تكونا شقيقتين أو لأب بإجماع العلماء ، ولم يبين هنا ميراث الثلاث من الأخوات فصاعداً ، ولكنه أشار في موضع آخر إلى أن الأخوات لا يزدن على الثلثين ، ولو بلغ عددهن ما بلغ وهو قوله تعالى في البنات { فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } النساء 11 ومعلوم أن البنات أمس رحماً وأقوى سبباً في الميراث من الأخوات ، فإذا كن لا يزدن على الثلثين ولو كثرن فكذلك الأخوات من باب أولى ، وأكثر علماء الأصول على أن فحوى الخطاب أعني مفهوم الموافقة الذي المسكوت فيه أولى بالحكم من المنطوق ، من قبيل دلالة اللفظ ، لا من قبيل القياس ، خلافاً للشافعي وقوم ، وكذلك المساوي على التحقيق فقوله تعالى { فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ } الإسراء 23 يفهم منه من باب أولى حرمة ضربهما وقوله { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ } الزلزلة 7 الآية . يفهم منه من باب أولى أن من عمل مثقال جبل يراه من خير وشر وقوله { وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ } الطلاق2 يفهم من باب أولى قبول شهادة الثلاثة والأربعة مثلاً من العدول ، ونهيه صلى الله عليه وسلم عن التضحية بالعوراء ، يفهم منه من باب أولى النهي عن التضحية بالعمياء ، وكذلك في المساوي ، فتحريم أكل مال اليتيم يفهم منه بالمساواة منع أحراقه وإغراقه ، ونهيه صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد ، يفهم منه كذلك أيضاً النهي عن البول في إناء وصبه فيه ، وقوله صلى الله عليه وسلم " من أعتق شركاً له في عبد " الحديث . يفهم منه كذلك أن الأمة كذلك ، ولا نزاع في هذا عند جماهير العلماء وإنما خالف فيه بعض الظاهرية . ومعلوم أن خلافهم في مثل هذا ، لا أثر له ، وبذلك تعلم أنه تعالى لما صرح بأن البنات وإن كثرن ليس لهن غير الثلثين ، علم أن الأخوات كذلك من باب أولى والعلم عند الله تعالى .