Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 18-18)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ } . ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة ثلاث مسائل : الأولى : أن الكفار الذين لا يؤمنون بالساعة ، يستعجلون بها أي يطلبون تعجيلها عليهم ، لشدة إنكارهم لها . والثانية : أن المؤمنين مشفقون منها ، أي خائفون منها . والثالثة : أنهم يعلمون أنها الحق ، أي أن قيامها ووقوعها حق لا شك فيه . وكل هذه المسائل الثلاث المذكورة في هذه الآية الكريمة جاءت موضحة في غير هذا الموضع . أما استعجالهم لها فقد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الرعد في الكلام على قوله تعالى { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ } [ الرعد : 6 ] وفي غير ذلك من المواضع . وأما المسألة الثانية : التي هي إشفاق المؤمنين وخوفهم من الساعة ، فقد ذكره في مواضع أخر كقوله تعالى { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } [ الأنبياء : 49 ] وقوله تعالى { يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } [ النور : 37 ] وقوله تعالى { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } [ الإنسان : 7 ] . وأما المسألة الثالثة : وهي علمهم أن الساعة حق ، فقد دلت عليه الآيات المصرحة بأنها لا ريب فيها ، لأنها تتضمن نفي الريب فيها من المؤمنين . والريب : الشك كقوله تعالى عن الراسخين في العلم : { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ } [ آل عمران : 9 ] الآية . وقوله تعالى { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } [ النساء : 87 ] الآية : وقوله تعالى { فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ } [ آل عمران : 25 ] الآية . وقوله تعالى : { وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } [ الشورى : 7 ] الآية . وقوله تعالى { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ } [ الحج : 6 - 7 ] إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى : { أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلَ بَعِيدٍ } . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } [ الفرقان : 11 ] . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { يُمَارُونَ } ، مضارع مارى ، يماري ، مراء ومماراة ، إذا خاصم وجادل . ومنه قوله تعالى { فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً } [ الكهف : 22 ] . وقوله { لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } أي بعيد عن الحق والصواب . وقد قدمنا معاني الضلال في القرآن واللغة العربية ، مع الشواهد في سورة الشعراء في الكلام على قوله تعالى { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ } [ الشعراء : 20 ] وفي مواضع أخر من هذا الكتاب المبارك .