Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 77-77)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللام في قوله { لِيَقْضِ } لام الدعاء . والظاهر أن المعنى ، أن مرادهم بذلك سؤال مالك خازن النار ، أن يدعو الله لهم بالموت . والدليل على ذلك أمران : الأول : أنهم لو أرادوا دعاء الله بأنفسهم أن يميتهم لما نادوا يا مالك ، ولما خاطبوه في قولهم : { رَبُّكَ } . والثاني : أن الله بين في سورة المؤمن أن أهل النار ، يطلبون خزنة النار ، أن يدعو الله لهم ليخفف عنهم العذاب ، وذلك في قوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } [ غافر : 49 ] . وقوله { لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } أي ليمتنا فنستريح بالموت من العذاب . ونظيره قوله تعالى : { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } [ القصص : 15 ] أي أماته . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } دليل على أنهم لا يجابون إلى الموت بل يمكثون في النار معذبين إلى غير نهاية . وقد دل القرآن العظيم على أنهم لا يموتون فيها فيستريحوا بالموت ، ولا تغني هي عنهم ، ولا يخفف عنهم عذابها ، ولا يخرجون منها . أما كونهم لا يموتون فيها الذي دل عليه قوله هنا { قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } فقد دلت عليه آيات من كتاب الله كقوله تعالى : { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } [ طه : 74 ] ، وقوله تعالى : { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } [ الأعلى : 11 - 13 ] . وقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ } [ فاطر : 36 ] الآية . وقوله تعالى : { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } [ إبراهيم : 17 ] الآية . وأما كون النار لا تغني عنهم ، فقد بينه تعالى بقوله : { كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } [ الإسراء : 97 ] ، فمن يدعي أن للنار خبوة نهائية وفناء رد عليه بهذه الآية الكريمة . وأما كون العذاب لا يخفف عنه فقد دلت عليه آيات كثيرة جداً كقوله : { وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا } [ فاطر : 36 ] . وقوله تعالى : { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } [ النحل : 85 ] ، وقوله تعالى : { فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } [ النبأ : 30 ] ، وقوله تعالى : { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } [ الزخرف : 75 ] الآية . وقوله : { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } [ الفرقان : 65 ] وقوله تعالى : { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } [ الفرقان : 77 ] على الأصح في الأخيرين . وأما كونهم لا يخرجون منها فقد جاء موضحاً في آيات من كتاب الله ، كقوله تعالى في البقرة : { كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } [ البقرة : 167 ] وقوله تعالى في المائدة : { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [ المائدة : 37 ] ، وقوله تعالى في الحج : { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا } [ الحج : 22 ] الآية . وقوله تعالى في السجدة : { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا } [ السجدة : 20 ] ، وقوله تعالى في الجاثية : { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ } [ الجاثية : 35 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقد أوضحنا هذا المبحث إيضاحاً شافياً في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى { قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } [ الأنعام : 128 ] وفي سورة النبأ في الكلام على قوله تعالى : { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } [ النبأ : 23 ] وسنوضحه أيضاً إن شاء الله ، في هذا الكتاب المبارك في الكلام على آية النبأ المذكورة ، ونوضح هناك إن شاء الله إزالة إشكال يورده الملحدون على الآيات التي فيها إيضاح هذا المبحث .