Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 11-11)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الإشارة في قوله { هَـٰذَا هُدًى } راجعة للقرآن العظيم المعبر عنه بآيات الله في قوله { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ } [ البقرة : 252 ] . وقوله { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ وَآيَاتِهِ } [ الجاثية : 6 ] الآية . وقوله : { يَسْمَعُ آيَاتِ ٱللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ } [ الجاثية : 8 ] وقوله : { وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً } [ الجاثية : 9 ] . وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن هذا القرآن هدى ، وأن من كفر بآياته له العذاب الأليم ، جاء موضحاً في غير هذا الموضع . أما كون القرآن هدى ، فقد ذكره تعالى ، في آيات كثيرة كقوله تعالى { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ الأعراف : 52 ] . وقوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } [ النحل : 89 ] وقوله تعالى { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [ الإسراء : 9 ] وقوله تعالى { شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَان } [ البقرة : 185 ] وقوله { الۤمۤ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } [ البقرة : 1 - 2 ] وقوله تعالى : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ } [ فصلت : 44 ] ، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة . وأما كون من كفر بالقرآن يحصل له بسبب ذلك العذاب الأليم ، فقد جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } [ هود : 17 ] الآية : وقوله تعالى { وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً } [ طه : 99 - 101 ] وقوله تعالى : { ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً } [ الكهف : 106 ] والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة . وقد قدمنا في سورة فصلت في الكلام على قوله تعالى : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } [ فصلت : 17 ] الآية . وغير ذلك من المواضع ، أن الهدى يطلق في القرآن إطلاقاً عاماً ، بمعنى أن الهدى هو البيان والإرشاد وإيضاح الحق ، كقوله { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } [ فصلت : 17 ] أي بينا لهم الحق وأوضحناه وأرشدناهم إليه وإن لم يتبعوه ، وكقوله { هُدًى لِّلنَّاسِ } [ البقرة : 185 ] وقوله هنا { هَـٰذَا هُدًى } وأنه يطلق أيضاً في القرآن بمعناه الخاص وهو التفضل بالتوفيق إلى طريق الحق والاصطفاء كقوله { هُدًى لِّلْمُتَّقِين } [ البقرة : 2 ] وقوله { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ } [ فصلت : 44 ] وقوله { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى } [ محمد : 17 ] وقوله { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } [ الأنعام : 90 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقد أوضحنا في سورة فصلت أن معرفة إطلاق الهدى المذكورين ، يزول بها الإشكال الواقع في آيات من كتاب الله . والهدى مصدر هداه على غير قياس ، وهو هنا من جنس النعت بالمصدر ، وبينا فيما مضى مراراً أن تنزيل المصدر منزلة الوصف إما على حذف مضاف ، وإما على المبالغة . وعلى الأول فالمعنى هذا القرآن ذو هدى أي يحصل بسببه الهدى لمن اتبعه كقوله { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [ الإسراء : 9 ] . وعلى الثاني فالمعنى أن المراد المبالغة في اتصاف القرآن بالهدى حتى أطلق عليه أنه هو نفس الهدى . وقوله في هذه الآية الكريمة ، لهم عذاب من رجز أليم ، أصح القولين فيه أن المراد بالرجز العذاب ، ولا تكرار في الآية لأن العذاب أنواع متفاوتة والمعنى لهم عذاب ، من جنس العذاب الأليم ، والأليم معناه المؤلم . أي الموصوف بشدة الألم وفظاعته . والتحقيق إن شاء الله : أن العرب تطلق الفعيل وصفاً بمعنى المفعل ، فما يذكر عن الأصمعي من أنه أنكر ذلك إن صح عنه فهو غلط منه ، لأن إطلاق الفعيل بمعنى المفعل معروف في القرآن العظيم وفي كلام العرب ، ومن إطلاقه في القرآن العظيم قوله تعالى : { عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ البقرة : 10 ] أي مؤلم وقوله تعالى : { بَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ البقرة : 117 ] أي مبدعهما وقوله تعالى : { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ } [ سبأ 46 ] الآية . أي منذر لكم ، ونظير ذلك من كلام العرب قول عمرو بن معد يكرب : @ أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع @@ فقوله الداعي السميع يعني الداعي المسمع . وقوله أيضاً : @ وخيل قد دلفت لها بخيل تحية بينهم ضرب وجيع @@ أي موجع . وقول غيلان بن عقبة : @ ويرفع من صدور شمردلات يصك وجوهها وهج أليم @@ أي مؤلم . وقرأ هذا الحرف عامة السبعة غير ابن كثير وحفص عن عاصم من رجز أليم بخفض أليم على أنه نعت لرجز . وقرأه ابن كثير وحفص عن عاصم من رجز أليم ، برفع أليم على أنه نعت لعذاب .