Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 15-15)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ } . قرأ هذا الحرف ، نافع وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو { حُسْنا } بضم الحاء وسكون السين ، وكذلك هو في مصاحفهم . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي : إحساناً بهمزة مكسورة وإسكان الحاء وألف بعد السين . وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذه الآية في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى : { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } [ الإسراء : 23 ] وقال أبو حيان في البحر : قيل ضمن { ووصينا } معنى ألزمنا فيتعدى لاثنين فانتصب حسناً وإحساناً على المفعول الثاني لوصينا . وقيل : التقدير إيصاء ذا حسن أو ذا إحسان ويجوز أن يكون حسناً بمعنى إحسان فيكون مفعولاً له ، أي ووصيناه بها لإحساننا إليهما فيكون الإحسان من الله تعالى . وقيل : النصب على المصدر على تضمين معنى أحسنا بالوصية للإنسان بوالديه إحساناً ا هـ منه ، وكلها له وجه . قوله تعالى : { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً } . قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وأبو عمرو وهشام عن ابن عامر : { كَرها } بفتح الكاف في الموضعين . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي ، وابن ذكوان ، عن ابن عامر : { كُرهاً } بضم الكاف في الموضعين . وهما لغتان كالضُّعف والضَّعف . ومعنى حملته { كرها } أنها في حال حملها به تلاقي مشقة شديدة . ومن المعلوم ما تلاقيه الحامل ، من المشقة والضعف ، إذا أثقلت وكبر الجنين في بطنها . ومعنى وضعته كرهاً : أنها في حالة وضع الولد ، تلاقي من ألم الطلق ، وكربه مشقة شديدة ، كما هو معلوم . وهذه المشاق العظيمة التي تلاقيها الأم في حمل الولد ووضعه ، لا شك أنها يعظم حقها بها ، ويتحتم برها ، والإحسان إليها كما لا يخفى . وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من المشقة التي تعانيها الحامل ، ودلت عليه آية أخرى ، وهي قوله تعالى في لقمان : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ } [ لقمان : 14 ] أي تهن به وهناً على وهن أي ضعفاً على ضعف ، لأن الحمل كلما تزايد وعظم في بطنها ، ازدادت ضعفاً على ضعف . وقوله في آية الأحقاف هذه كرهاً في الموضعين مصدر منكر وهو حال أي حملته ذات كره ووضعته ذات كره ، وإتيان المصدر المنكر حالاً كثير كما أشار له في الخلاصة بقوله : @ ومصدر منكر حالا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع @@ وقال بعضهم : كرهاً في الموضعين نعت لمصدر ، أي حملته حملاً ذا كره ، ووضعته وضعاً ذا كره ، والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً } . هذه الآية الكريمة ، ليس فيها بانفرادها تعرض لبيان أقل مدة الحمل ، ولكنها بضميمة بعض الآيات الأخرى إليها يعلم أقل أمد الحمل ، لأن هذه الآية الكريمة ، من سورة الأحقاف ، صرحت بأن أمد الحمل والفصال معاً ، ثلاثون شهراً . وقوله تعالى في لقمان : { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } [ لقمان : 14 ] . وقوله في البقرة { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } [ البقرة : 223 ] يبين أن أمد الفصال عامان وهما أربعة وعشرون شهراً ، فإذا طرحتها من الثلاثين بقيت ستة أشهر ، فتعين كونها أمداً للحمل ، وهي أقله ، ولا خلاف في ذلك بين العلماء . ودلالة هذه الآيات على أن ستة أشهر أمد للحمل هي المعروفة عند علماء الأصول بدلالة الإشارة . وقد أوضحنا الكلام عليها ، في مباحث الحج ، في سورة الحج ، في مبحث أقوال أهل العلم ، في حكم المبيت بمزدلفة ، وأشرنا لهذا النوع ، من البيان في ترجمة هذا الكتاب المبارك . قوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } . قد قدمنا الكلام عليه في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى : { حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّه } ، وفي ترجمة هذا الكتاب المبارك .