Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 4-4)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قد ذكرنا قريباً أن قوله : { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } يتضمن البرهان القاطع على صحة معنى لا إله إلا الله . وأن العلامة الفارقة بين المعبود بحق . وبين غيره هي كونه خالقاً . وأول سورة الأحقاف هذه يزيد ذلك إيضاحاً . لأنه ذكر من صفات المعبود بحق أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق . وذكر من المعبودات الأخرى التي عبادتها كفر . مخلد في النار أنها لا تخلق شيئاً . فقوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي هذه المعبودات التي تعبدونها من دون الله . أروني ماذا خلقوا من الأرض . فقوله : أروني . يراد بها التعجيز والمبالغة في عدم خلقهم شيئاً . وعلى أن { ما } استفهامية . و { ذا } موصولة . فالمعنى أروني ما الذي خلقوه من الأرض . وعلى أن { ما } و { ذا } بمنزلة كلمة واحدة يراد بها الاستفهام . فالمعنى : أروني أي شيء خلقوه من الأرض ؟ وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن من لم يخلق شيئاً في الأرض ولم يكن له شرك في السماوات . لا يصح أن يكون معبوداً بحال جاء موضحاً في آيات كثيرة . كقوله تعالى في فاطر { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً } [ فاطر : 40 ] الآية . وقوله في لقمان : { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } [ لقمان : 11 ] وقوله في سبأ { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ } [ سبأ : 22 ] والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة . وقد قدمنا طرفاً منها قريباً . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ } ، قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى : { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } [ الزخرف : 21 ] .