Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 1-1)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

التحقيق الذي عليه الجمهور أن المراد بهذا الفتح صلح الحديبية ، لأنه فتح عظيم . وإيضاح ذلك أن الصلح المذكور هو السبب الذي تهيأ به للمسلمين أن يجتمعوا بالكفار فيدعوهم إلى الإسلام وبينوا لهم محاسنه . فدخل كثير من قبائل العرب بسبب ذلك في الإسلام . ومما يوضح ذلك أن الذين شهدوا صلح الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة عام ست كانوا ألفاً وأربعمائة . ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم غزو مكة حين نقض الكفار العهد ، كان خروجه إلى مكة في رمضان عام ثمان . وكان معه عشرة آلاف مقاتل ، وذلك يوضح أن الصلح المذكور من أعظم الفتوح لكونه سبباً لقوة المسلمين وكثرة عددهم . وليس المراد بالفتح المذكور فتح مكة ، وإن قال بذلك جماعة من أهل العلم . وإنما قلنا ذلك لأن أكثر أهل العلم على ما قلنا . ولأن ظاهر القرآن يدل عليه لأن سورة الفتح هذه نزلت بعد صلح الحديبية في طريقه صلى الله عليه وسلم راجعاً إلى المدينة . ولفظ الماضي في قوله : { إِنَّا فَتَحْنَا } يدل على أن ذلك الفتح قد مضى ، فدعوى أنه فتح مكة ولم يقع إلا بعد ذلك بقرب سنتين خلاف الظاهر . والآية التي في فتح مكة دلت على الاستقبال لا على المضي ، وهي قوله تعالى : { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } [ النصر : 1 ] الآية . وقد أوضحنا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب معنى اللام في قوله : { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ } [ الفتح : 2 ] . الآية .