Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 29-29)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى { فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ المائدة : 54 ] . قوله تعالى : { مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاع } . قرأ هذا الحرف ابن كثير وابن ذكوان وابن عامر شطأه بفتح الطاء ، والباقون من السبعة بسكون الطاء . وقرأ عامة السبعة غير ابن ذكوان : فآزره بألف بعد الهمزة . وقرأه ابن ذكوان عن عامر فأزره بلا ألف بعد الهمزة مجرداً . وقرأ عامة السبعة غير قنبل على سوقه بواو ساكنة بعد السين . وقرأه قنبل عن ابن كثير بهمزة ساكنة بدلاً من الواو وعنه ضم الهمزة بعد السين بعدها واو ساكنة . وهذه الآية الكريمة قد بين الله فيها أنه ضرب المثل في الإنجيل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأنهم كالزرع يظهر في أول نباته رقيقاً ضعيفاً متفرقاً ، ثم ينبت بعضه حول بعض ، ويغلظ ويتكامل حتى يقوى ويشتد وتعجب جودته أصحاب الزراعة ، العارفين بها ، فكذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا في أول الإسلام في قلة وضعف ثم لم يزالوا يكثرون ويزدادون قوة حتى بلغوا ما بلغوا . وقوله تعالى : { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَه } أي فراخه فنبت في جوانبه . وقوله { فَآزَرَه } على قراءة الجمهور من المؤازرة ، بمعنى المعاونة والتقوية ، وقال بعض العلماء : { فَآزَرَه } أي ساواه في الطول ، وبكل واحد من المعنيين فسر قول امرئ القيس : @ بمحنية قد آزر الصال نبتها مجر جيوش غانمين وخيب @@ وأما على قراءة ابن ذكوان { فَآزَرَه } بلا ألف ، فالمعنى شد أزره أي قواه . ومنه قوله تعالى عن موسى { وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } [ طه : 29 - 31 ] الآية . وقوله ، { فَٱسْتَغْلَظَ } أي صار ذلك الزرع غليظاً بعد أن كان رقيقاً ، وقوله : { فَٱسْتَوَى } أي استتم وتكامل على سوقه أي على قصبه . وما تضمنته الآية الكريمة من المثل المذكور في الإنجيل المضروب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأنهم يكونون في مبدأ أمرهم في قلة وضعف ، ثم بعد ذلك يكثرون ويقوون . جاء موضحاً في آيات من كتاب الله تعالى كقوله { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ } [ الأنفال : 26 ] الآية . وقوله تعالى { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ } [ آل عمران : 123 ] وقوله تعالى { ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ } [ المائدة : 3 ] الآية . إلى غير ذلك من الآيات .