Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 6-6)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نزلت هذه الآية الكريمة في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق من خزاعة ليأتيهم بصدقات أموالهم فلما سمعوا به تلقوه فرحاً به ، فخاف منهم وظن أنهم يريدون قتله ، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وزعم له أنهم منعوا الصدقة وأرادوا قتله ، فقدم وفد منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بكذب الوليد فأنزل الله هذه الآية . وهي تدل على عدم تصديق الفاسق في خبره . وصرح تعالى في موضع آخر بالنهي عن قبول شهادة الفاسق ، وذلك في قوله : { وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [ النور : 4 ] ولا خلاف بين العلماء في رد شهادة الفاسق وعدم قبول خبره . وقد دلت هذه الآية من سورة الحجرات على أمرين : الأول منهما : أن الفاسق إن جاء بنبإ ممكن معرفة حقيقته ، وهل ما قاله فيه الفاسق حق أو كذب فإنه يجب فيه التثبت . والثاني : هو ما استدل عليه بها أهل الأصول من قبول خبر العدل لأن قوله تعالى : { إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ } بدل بدليل خطابه ، أعني مفهوم مخالفته أن الجائي بنبإ إن كان غير فاسق بل عدلاً لا يلزم التبين في نبئه على قراءة : فتبينوا . ولا التثبت على قراءة : فتثبتوا ، وهو كذلك . وأما شهادة الفاسق فهي مردودة كما دلت عليه آية النور المذكورة آنفاً . وقد قدمنا معنى الفسق وأنواعه في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك . وقوله { أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا } أي لئلا تصيبوا قوماً ، أو كراهة أن تصيبوا قوماً بجهالة ، أي لظنكم النبأ الذي جاء به الفاسق حقاً فتصبحوا على ما فعلتم من إصابتكم للقوم المذكورين نادمين لظهور كذب الفاسق فيما أنبأ به عنهم ، لأنهم لو لم يتبينوا في نبإ الوليد عن بني المصطلق لعاملوهم معاملة المرتدين ؟ ولو فعلوا ذلك لندموا . وقرأ هذا الحرف عامة السبعة غير حمزة والكسائي : فتبينوا بالباء التحتية الموحدة بعدها مثناة تحتية مشددة ثم نون . وقرأه حمزة والكسائي : فتثبتوا بالثاء المثلثة بعدها ياء تحتية موحدة مشددة ثم تاء مثناة فوقية . والأول من التبين ، والثاني من التثبت . ومعنى القراءتين واحد ، وهو الأمر بالتأني وعدم العجلة حتى تظهر الحقيقة فيما أنبأ به الفاسق .