Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 71-71)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن بني إسرائيل عموا وصموا مرتين ، تتخللهما توبة مِن الله عليهم ، وبيَّن تفصيل ذلك في قوله { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ } الإسراء 4 الآية فبين جزاء عَماهم ، وصَمَمهِم في المرة الأولى بقوله { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } الإسراء 5 ، وبين جَزاء عماهم ، وصَمَمِهم في المرة الآخرة بقوله { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرا } الإسراء 7 ، وبين التوبة التي بينهما بقوله { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً } الإسراء 6 . ثم بين أنهم إن عادوا إلى الإفساد عاد إلى الانتقام منهم بقوله { وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَ } الإسراء 8 فعادوا إلى الإفساد بتكذيبه صلى الله عليه وسلم ، وكتم صفاته التي في التوراة ، فعاد الله إلى الانتقام منهم ، فسلط عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم فذبح مقاتلة بني قريظة ، وسبى نساءهم ، وذراريهم وأجلى بني قينقاع ، وبني النضير . كما ذكر تعالى طرفاً من ذلك في سورة الحشر ، وهذا البيان الذي ذكرنا في هذه الآية ذكره بعض المفسرين ، وكثير منهم لم يذكره ، ولكن ظاهر القرآن يقتضيه ، لأن السياق في ذكر أفعالهم القبيحة الماضية من قتل الرسل وتكذيبهم ، إذ قبل الآية المذكورة { كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُون } المائدة 70 . ومعنى { وَحَسِبُوۤاْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ } ظنوا ألا يصيبهم بلاء وعذاب من الله ، بسبب كُفرهم ، وقتلهم الأنبياء ، لزعمهم الباطل ، أنهم أبناء الله ، وأحباؤه ، وقوله { كَثِيرٌ مِنْهُمْ } أحسن ، أوجه الإعراب فيه . أنه بدل من واو الفاعل في قوله { عَمُوا وَصَمُّوا } ، كقولك جاء القوم أكثرهم ، وقوله { أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ } قرأه حمزة ، والكسائي ، وأبو عمرو بالرفع ، والباقون بالنصب ، فوجه قراءة النصب ظاهر ، لأن الحسبان بمعنى الظن ، ووجه قراءة الرفع ، تنزيل اعتقادهم لذلك - ولو كان باطلاً - منزلة العلم . فتكون أن مخففة من الثقيلة ، والعلم عند الله تعالى .