Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 30-30)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ هذا الحرف عامة السبعة غير نافع وشعبة عن عاصم { يَوْمَ نَقُولُ } بالنون الدالة على العظمة . وقرأه نافع وشعبة { يَوْمَ يَقُول } بالياء ، وعلى قراءتهما فالفاعل ضمير يعود إلى الله ، واعلم أن الاستفهام في قوله { هَلْ مِن مَّزِيدٍ } فيه للعلماء قولان معروفان . الأول : أن الاستفهام إنكاري كقوله تعالى { هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلظَّالِمُونَ } [ الأنعام : 47 ] أي ما يهلك إلا القوم الظالمون ، وعلى هذا ، فمعنى { هَلْ مِن مَّزِيدٍ } لا محل للزيادة لشدة امتلاء النار ، واستدل بعضهم لهذا الوجه بآيات من كتاب الله كقوله تعالى : { وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ السجدة : 13 ] وقوله تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : 119 ] قال : فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة يس في الكلام على قوله تعالى : { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ } [ يس : 7 ] الآية ، لأن إقسامه تعالى في هذه الآية المدلول عليه بلام التوطئة في لأملأن على أنه يملأ جهنم من الجنة والناس ، دليل على أنها لا بد أن تمتلئ ، ولذا قالوا : إن معنى هل من مزيد ، لا مزيد ، لأني قد امتلأت فليس في محل للمزيد ، وأما القول الآخر ، فهو أن المراد بالاستفهام في قول النار : هل من مزيد ؟ وهو طلبها للزيادة ، وأنها لا تزال كذلك حتى يضع رب العزة فيه قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط أي كفاني قد امتلأت ، وهذا الأخير هو الأصح ، لما ثبت في الصحيحين ، وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن جهنم لا تزال تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط " ، لأن في هذا الحديث المتفق عليه التصريح بقولها قط قط ، أي كفاني قد أمتلأت ، وأن قولها قبل ذلك هل من مزيد لطلب الزيادة ، وهذا الحديث الصحيح من أحاديث الصفات ، وقد قدمنا الكلام عليها مستوفى في سورة الأعراف والقتال . واعلم أن قول النار في هذه الآية : هل من مزيد ، قول حقيقي ينطقها الله به ، فزعم بعض أهل العلم أنه كقول الحوض : @ امتلأ الحوض فقال قطني مهلاً رويداً قد ملأت بطني @@ وأن المراد بقوله ذلك هو ما فيهم من حالها خلاف التحقيق وقد أوضحنا ذلك بأدلته في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } [ الفرقان : 12 ] والعلم عند الله تعالى .