Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 55-55)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك ، أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يجعل الله شيئاً لحكم متعددة ، فيذكر بعض حكمه في بعض المواضع ، فإنا نذكر بقية حكمه ، والآيات الدالة عليها ، وقد قدمنا أمثلة ذلك . ومن ذلك القبيل هذه الآية الكريمة ، فإنها تضمنت واحدة من حكم التذكير وهي رجاء انتفاع المذكر به ، لأن تعالى قال هنا : { وَذَكِّرْ } ، ورتب عليه قوله { فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } . ومن حكم ذلك أيضاً خروج المذكر من عهدة التكليف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد جمع الله هاتين الحكمتين في قوله : { قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [ الأعراف : 164 ] . ومن حكم ذلك أيضاً النيابة عن الرسل في إقامة حجة الله على خلقه في أرضه لأن الله تعالى يقول { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ } [ النساء : 165 ] . وقد بين هذه الحجة في آخر طه في قوله { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ } طه : 134 ] الآية . وأشار لها في القصص في قوله { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتِّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ القصص : 47 ] . وقد قدمنا هذه الحكم في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى { عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ } [ المائدة : 105 ] .