Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 1-8)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الأقسام التي أقسم الله بها تعالى في أول هذه السورة الكريمة أقسم ببعضها بخصوصه ، وأقسم بجميعها في آية عامة لها ولغيرها . أما الذي أقسم به منها إقساماً خاصاً فهو الطور ، والكتاب المسطور ، والسقف المرفوع ، والأظهر أن الطور الجبل الذي كلم الله عليه موسى ، وقد أقسم الله تعالى بالطور في قوله : { وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ } [ التين : 1 - 2 ] . والأظهر أن الكتاب المسطور هو القرآن العظيم ، وقد أكثر الله من الإقسام به في كتابه كقوله تعالى : { حـمۤ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } [ الزخرف : 1 - 2 ] وقوله تعالى : { يسۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ } [ يس : 1 - 2 ] وقيل هو كتاب الأعمال ، وقيل غير ذلك ، { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوع } : هو السماء ، وقد أقسم الله بها في كتابه في آيات متعددة كقوله : { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } [ الذاريات : 7 ] وقوله : { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } [ البروج : 1 ] وقوله تعالى : { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } [ الشمس : 5 ] ، والرق بفتح الراء كل ما يكتب فيه من صحيفة وغيرها ، وقيل هو الجلد المرقق ليكتب فيه . وقوله : { مَّنشُورٍ } أي مبسوط ، ومنه قوله : { كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } [ الإسراء : 13 ] . وقوله : { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } [ المدثر : 52 ] { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } . " هو البيت المعروف في السماء المسمى بالضراح بضم الضاد ، وقيل فيه معمور ، لكثرة ما يغشاه من الملائكة المتعبدين ، فقد جاء الحديث أنه يزوره كل يوم سبعون ألف ملك ، ولا يعودون إليه بعدها " . وقوله : { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } فيه وجهان من التفسير للعلماء . أحدهما أن المسجور هو الموقد ناراً . قالوا : وسيضطرم البحر يوم القيامة ناراً ، من هذا المعنى قوله تعالى : { ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ } [ غافر : 72 ] الوجه الثاني : هو أن المسجور بمعنى المملوء ، لأنه مملوء ماء ، ومن إطلاق المسجور على المملوء قول لبيد بن ربيعة في معلقته : @ فتوسطا عرض السرى وصدعا مسجورة متجاوراً قلامها @@ فقوله : مسجورة أي عيناً مملوءة ماء ، وقول النمر بن تولب العكلي : @ إذا شاء طالع مسجورة ترى حولها النبع والساسما @@ وهذان الوجهان المذكوران في معنى المسجور هما أيضاً في قوله { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } [ التكوير : 6 ] ، وأما الآية العامة التي أقسم فيها تعالى بما يشمل جميع هذه الأقسام وغيرها ، فهي قوله تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } [ الحاقة : 38 - 39 ] ، لأن الإقسام في هذه الآية عامة في كل شيء . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } ، قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول الذاريات ، وفي غير ذلك من المواضع .