Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 5-5)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المراد بشديد القوى في هذه الآية : هو جبريل عليه السلام ، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم علمه هذا الوحي . ملك شديد القوى هو جبريل . وهذه الآية الكريمة قد تضمنت أمرين : أحدهما : أن هذا الوحي الذي من أعظمه هذا القرآن العظيم ، علمه جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من الله . والثاني : أن جبريل شديد القوة . الأمران جاءا موضحين في غير هذا الموضع . أما الأول منهما وهو كون جبريل نزل عليه بهذا الوحي وعلمه إياه ، فقد جاء موضحاً في آيات من كتاب الله كقوله تعالى : { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [ البقرة : 97 ] الآية . وقوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } [ الشعراء : 192 - 194 ] . وقوله تعالى : { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ إَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } [ طه : 114 ] . وقوله تعالى : { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } [ القيامة : 16 - 18 ] أي إذا قرأه عليك الملك المرسل به إليك منا مبلغاً له عنا فاتبع قرآنه ، أي اقرأ كما سمعته يقرأ . وأما الأمر الثاني ، وهو شدة قوة جبريل النازل بهذا الوحي ، فقد ذكره في قوله { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } [ التكوير : 19 - 20 ] . وقوله في آية التكوير هذه : { لَقَوْلُ رَسُولٍ } أي لقوله المبلغ له عن الله ، فقرينته ذكر الرسول تدل على أنه إنما بلغ شيئاً أرسل به ، فالكلام كلام الله بألفاظه ومعانيه ، وجبريل مبلغ عن الله ، وبهذا الاعتبار نسب القول له . لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما سمعه إلا منه ، فهو القول الذي أرسله الله به . وأمره بتبليغه ، كما تدل عليه قرينة ذكر الرسول ، وسيأتي إيضاح هذه المسألة إن شاء الله في سورة التكوير . والعلم عند الله تعالى .