Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 14-15)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الصلصال : الطين اليابس الذي تسمع له صلصلة ، أي صوت إذا قرع بشيء ، وقيل الصلصال المنتن ، والفخار الطين المطبوخ ، وهذه الآية بين الله فيها طوراً من أطوار التراب الذي خلق منه آدم ، فبين في آيات أنه خلقه من تراب كقوله تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } [ آل عمران : 59 ] وقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } [ الحج : 5 ] وقوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } [ الروم : 20 ] وقوله تعالى { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } [ غافر : 67 ] وقوله تعالى { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } [ طه : 55 ] . وقد بينا في قوله تعالى : { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } وقوله { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ } أن المراد بخلقهم منها هو خلق أبيهم آدم منها ، لأنه أصلهم وهم فروعه ، ثم إن الله تعالى عجن هذا التراب بالماء فصار طيناً ، ولذا قال { ٱسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } [ الإسراء : 61 ] وقال { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } [ المؤمنون : 12 ] وقال تعالى : { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } [ السجدة : 7 ] . وقال { أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } [ الصافات : 11 ] وقال تعالى : { إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ } [ ص : 71 ] ثم خمر هذا الطين فصار حمأً مسنوناً ، أي طيناً أسود متغير الريح ، كما قال تعالى { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 26 ] الآية . قال تعالى : { إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 28 ] وقال عن إبليس { قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 33 ] والمسنون قيل المتغير وقيل المصور وقيل الأملس ، ثم يبس هذا الطين فصار صلصالاً . كما قال هنا : { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } [ الرحمن : 14 ] وقال { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 26 ] . فالآيات يصدق بعضها بعضاً ، ويتبين فيها أطوار ذلك التراب كما لا يخفى . قوله { وَٱلْجَآنَّ } أي وخلق الجان وهو أبو الجن ، وقيل هو إبليس . وقيل : هو الواحد من الجن . وعليه فالألف واللام للجنس ، والمارج : اللهب الذي لا دخان فيه ، وقوله { مِّن نَّارٍ } بيان لمارج . أي من لهب صاف كائن من النار . وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أنه تعالى خلق الجان من النار ، جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى في الحجر { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } [ الحجر : 26 - 27 ] وقوله تعالى { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } [ الأعراف : 12 ] . وقد أوضحنا الكلام على هذا في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى : { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } [ البقرة : 34 ] .