Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 37-37)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن السماء ستنشق يوم القيامة ، وأنها إذا انشقت صارت وردة كالدهان ، وقوله : { وَرْدَةً } : أي حمراء كلون الورد ، وقوله { كَٱلدِّهَانِ } : فيه قولان معروفان للعلماء . الأول منها : أن الدهان هو الجلد الأحمر ، وعليه فالمعنى أنها تصير وردة متصفة بلون الورد مشابهة للجلد الأحمر في لونه . والثاني : أن الدهان هو ما يدهن به ، وعليه ، فالدهان ، قيل : هو جمع دهن ، وقيل : هو مفرد ، لأن العرب تسمى ما يدهن به دهاناً ، وهو مفرد ، ومنه قول امرئ القيس : @ كأنهما مزادتا متعجل فريان لما تدهني بدهان @@ وحقيقة الفرق بين القولين أنه على القول بأن الدهان هو الجلد الأحمر ، يكون الله وصف السماء عند انشقاقها يوم القيامة بوصف واحد وهو الحمرة فشبهها بحمرة الورد . وحمرة الأديم الأحمر . قال بعض أهل العلم : إنها يصل إليها حر النار فتحمر من شدة الحرارة . وقال بعض أهل العلم : أصل السماء حمراء إلا أنها لشدة بعدها وما دونها من الحواجز لم تصل العيون إلى إدراك لونها الأحمر على حقيقته ، وأنها يوم القيامة ترى على حقيقة لونها . وأما على القول بأن الدهان هو ما يدهن به ، فإن الله وقد وصف السماء عند انشقاقها بوصفين أحدهما حمرة لونها ، والثاني أنها تذوب وتصير مائعة كالدهن . أما على القول الأول ، فلم نعلم آية من كتاب الله تبين هذه الآية ، بأن السماء ستحمر يوم القيامة حتى تكون كلون الجلد الأحمر . وأما على القول الثاني الذي هو أنها تذوب وتصير مائعة ، فقد أوضحه الله في غير هذا الموضع وذلك في قوله تعالى في المعارج { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } [ المعارج : 6 - 8 ] والمهل شيء ذائب على كلا القولين سواء قلنا : إنه دردي الزيت وهو عكره ، أو قلنا إنه الذائب من حديد أو نحاس أو نحوهما . وقد أوضح تعالى في الكهف أن المهل شيء ذائب يشبه الماء شديد الحرارة ، وذلك في قوله تعالى : { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } [ الكهف : 29 ] . والقول بأن الوردة تشبيه الفرس الكميت وهو الأحمر لأن حمرته تتلون باختلاف الفصول ، فتشتد حمرتها في فصل ، وتميل إلى الصفرة في فصل ، وإلى الغبرة في فصل . وأن المراد بالتشبيه كون السماء عند انشقاقها تتلون بألوان مختلفة واضح البعد عن ظاهر الآية ، وقول من قال : إنها تذهب وتجيء معناه له شاهد في كتاب الله ، وذلك في قوله تعالى : { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً } [ الطور : 9 ] الآية ، ولكنه لا يخلو عندي من بعد . وما ذكره تعالى في هذه الآية الكريمة من انشقاق السماء يوم القيامة ، جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى : { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [ الانشقاق : 1 ] وقوله تعالى : { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ } [ الحاقة : 15 - 16 ] . وقوله : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ } [ الفرقان : 25 ] الآية . وقوله : { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } [ الانفطار : 1 ] ، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة ق في الكلام على قوله تعالى : { وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } [ ق : 6 ] .