Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 22-23)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أن كل ما أصاب من المصائب في الأرض كالقحط والجدب والجوائح في الزراعة والثمار وفي الأنفس ، من الأمراض والموت كله مكتوب في كتاب قبل خلق الناس ، وقبل وجود المصائب ، فقوله : { مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ } ، الضمير فيه عائد على الخليقة المفهومة في ضمن قوله : { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ } [ الذاريات : 21 ] أو إلى المصيبة ، واختار بعضهم رجوعه لذلك كله . وقوله تعالى : { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي سهل هين لإحاطة علمه وكمال قدرته . وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أنه لا يصيب الناس شيء من المصائب إلا وهو مكتوب عند الله قبل ذلك ، أوضحه الله تعالى في غير هذا الموضع ، كقوله تعالى : { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ التوبة : 51 ] وقوله تعالى { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [ التغابن : 11 ] وقوله تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ } [ البقرة : 155 ] ، لأن قوله : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ } قبل وقوع ذلك دليل على أن هذه المصائب معلومة له جل وعلا قبل وقوعها ، ولذا أخبرهم تعالى بأنها ستقع ، ليكونوا مستعدين لها وقت نزولها بهم ، لأن ذلك يعينهم على الصبر عليها ، ونقص الأموال والثمرات مما أصاب من مصيبة ، ونقص الأنفس في قوله : والأنفس ، مما أصاب من مصيبة في الأنفس ، وقوله في آية الحديد هذه { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ } [ الحديد : 23 ] أي بينا لكم أن الأشياء مقدرة مكتوبة قبل وجود الخلق ، وأن ما كتب واقع لا محالة لأجل ألا تحزنوا على شيء فاتكم ، لأن فواته لكم مقدر ، وما لا طمع فيه قل الأسى عليه ، ولا تفرحوا بما آتاكم ، لأنكم إذا علمتم أن ما كتب لكم من الرزق والخير لا بد أن يأتيكم قل فرحكم به ، وقوله : تأسوا ، مضارع أسى بكسر السين يأسى بفتحها أسى بفتحتين على القياس ، بمعنى حزن ومنه قوله تعالى : { فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } [ المائدة : 68 ] وقوله : من مصيبة مجرور في محل رفع لأنه فاعل أصاب جر بمن المزيدة لتوكيد النفي ، وما نافية .