Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 16-16)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن المنافقين اتخذوا أيمانهم جنة والأيمان جمع يمين ، وهي الحلف ، والجنة هي الترس الذي يتقي به المقاتل وقع السلاح ، والمعنى أنهم جعلوا الإيمان الكاذبة ، وهي حلفهم للمسلمين أنهم معهم وأنهم مخلصون في باطن الأمر ، ترساً لهم يتقون به الشر الذي ينزل بهم لو صرحوا بكفرهم ، وقوله تعالى { فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } الظاهر أنه من صد المتعدية ، وأن المفعول محذوف أي فصدوا غيرهم ممن أطاعهم لأن صدودهم في أنفسهم دل عليه قوله { ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } والحمل على التأسيس أولى من الحمل على التأكيد ، كما أوضحناه مراراً . وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة وهما كون المنافقين يحلفون الأيمان الكاذبة لتكون لهم جنة ، وأنهم يصدون غيرهم عن سبيل الله جاءا موضحين في آيات أخر من كتاب الله ، أما أيمانهم الكاذبة فقد بينها الله جل وعلا في آيات كثيرة ، كقوله تعالى في هذه السورة { وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ المجادلة : 14 ] ، وقوله تعالى { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } [ التوبة : 62 ] الآية ، وقوله تعالى { سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } [ التوبة : 95 ] الآية . وقوله تعالى { وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ التوبة : 42 ] وقوله تعالى { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ المنافقون : 2 ] . وأما صدهم من أطاعهم عن سبيل الله فقد بينه الله في آيات من كتابه كقوله تعالى { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا } [ الأحزاب : 18 ] ، وقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } [ آل عمران : 156 ] ، وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْ } [ آل عمران : 168 ] ، وقوله تعالى : { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ } [ النساء : 72 ] . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { فَلَهُمْ عَّذَابٌ مُّهِينٌ } ، أي لأجل نفاقهم ، كما قال تعالى { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } [ النساء : 145 ] الآية .