Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 21-21)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قد دلت هذه الآية الكريمة على أن رسل الله غالبون لكل من غالبهم ، والغلبة نوعان : غلبة بالحجة والبيان ، وهي ثابتة لجميع الرسل ، وغلبة بالسيف والسنان ، وهي ثابتة لمن أمر بالقتال منهم دون من لم يؤمر به . وقد دلت هذه الآية الكريمة ، وأمثالها من الآية كقوله تعالى : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [ الصافات : 171 - 173 ] أنه لن يقتل نبي في جهاد قط ، لأن المقتول ليس بغالب ، لأن القتل قسم مقابل للغلبة ، كما بينه تعالى في قوله : { وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ } [ النساء : 74 ] الآية . وقال تعالى : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا } [ غافر : 51 ] الآية . وقد نفى عن المنصور كونه مغلوباً نفياً باتاً في قوله تعالى : { إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } [ آل عمران : 160 ] . وبهذا تعلم أن الرسل الذين جاء في القرآن أنهم قتلوا كقوله تعالى : { أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } [ البقرة : 87 ] وقوله تعالى : { قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ } [ آل عمران : 183 ] ليسوا مقتولين في جهاد ، وأن نائب الفاعل في قوله تعالى : { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } [ آل عمران : 146 ] ، على قراءة قتل بالبناء للمفعول ، هو ربيون لا ضمير النبي . وقد أوضحنا هذا غاية الإيضاح بالآيات القرآنية في سورة آل عمران في الكلام على قوله تعالى : { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } [ آل عمران : 146 ] وذكرنا بعضه في الصافات في الكلام على قوله تعالى : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الصافات : 171 ] .