Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 14-14)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } . يعني أنه تعالى هو الذي يرزق الخلائق ، وهو الغني المطلق فليس بمحتاج إلى رزق . وقد بين تعالى هذا بقوله { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } الذاريات 56 - 58 ، وقراءة الجمهور على أن الفعلين من الإطعام ، والأول مبني للفاعل ، والثاني مبني للمفعول ، كما بيناه ، وأوضحته الآية الأخرى . وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد ، والأعمش . الفعل الأول كقراءة الجمهور ، والثاني بفتح الياء والعين مضارع طعم الثلاثي بكسر العين في الماضي ، أن أنه يرزق عباده ، ويطعمهم وهو جل وعلا ، لا يأكل ، لأنه لا يحتاج إلى ما يحتاج إليه المخلوق من الغذاء ، لأنه جل وعلا الغني لذاته ، الغني المطلق ، سبحانه وتعالى علواً كبيراً ، { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } فاطر 15 . والقراءة التي ذكرنا عن سعيد ومجاهد ، والأعمش موافقة لأحد الأقوال في تفسير قوله تعالى { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } الإخلاص 2 قال بعض العلماء { ٱلصَّمَدُ } السيد الذي يُلجأ إليه عند الشدائد والحوائج . وقال بعضهم هو السيد الذي تكامل سؤدده وشرفه وعظمته ، وعلمه وحكمته ، وقال بعضهم { ٱلصَّمَدُ } هو الذي { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } الاخلاص 3 - 4 ، وعليه فما بعده تفسير له . وقال بعضهم هو الباقي بعد فناء خلقه . وقال بعضهم { ٱلصَّمَدُ } هو الذي لا جوف له ، ولا يأكل الطعام ، وهو محل الشاهد ، وممن قال بهذا القول ابن مسعود ، وابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وعبد الله بن بريدة ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ، وعطية العوفي ، والضحاك ، والسدي . كما نقله عنهم ابن كثير وابن جرير وغيرهما . قال مقيده عفا الله عنه من المعروف في كلام العرب ، إطلاق الصمد على السيد العظيم ، وعلى الشيء المصمت الذي لا جوف له ، فمن الأول قول الزبرقان @ سيروا جميعاً بنصف الليل واعتمدوا ولا رهينة إلا سيد صمد @@ وقول الآخر @ علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد @@ وقول الآخر @ ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد @@ ومن الثاني قول الشاعر @ شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا @@ فإذا علمت ذلك ، فالله تعالى هو السيد الذي هو وحده الملجأ عند الشدائد والحاجات ، وهو الذي تنزه وتقدس وتعالى عن صفات المخلوقين كأكل الطعام ونحوه ، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً . قوله تعالى { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } الآية . يعني أول من أسلم من هذه الأمة التي أُرسلت إليها ، وليس المراد أول من أسلم من جميع الناس كما بينه تعالى بآيات كثيرة تدل على وجود المسلمين . قبل وجوده صلى الله عليه وسلم ، ووجود أمته كقوله عن إبراهيم { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } البقرة 131 ، وقوله عن يوسف { تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } يوسف 101 ، وقوله { يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ } المائدة 44 وقوله عن لوط وأهله ، { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } الذاريات 36 ، إلى غير ذلك من الآيات .