Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 3-3)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } . الأرحام تستعمل في القرآن لعموم القرابة ، كقوله تعالى : { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [ الأنفال : 75 ] ، وقوله تعالى : { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } أي بتقطع الأنساب بينهم ، كما بينه تعالى بقوله : { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [ المؤمنون : 101 ] . وقد بين تعالى نتيجة هذا الفصل بينهم يوم القيامة في قوله تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهُ وَبَنِيه لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [ عبس : 34 - 37 ] ، قوله في موضع آخر : { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } [ المعارج : 12 - 13 ] فعمت جميع الأقارب وبينت سبب الفصل بينهم ، وما يترتب عليه . وهذه الآية خطاب للمؤمنين في ذوي أرحامهم من المشركين ، كما في قصة سبب النزول في أمر حاطب بن أبي بلتعة في إرساله الخطاب لأهل مكة قبيل الفتح بأمر التجهز لهم . ومفهوم الوصف في أول السياق عدوي وعدوّكم ، وقد كفروا بما جاءكم من الحق ، يدل بمفهوم المخالفة أن أولي الأرحام من المؤمنين قد لا يفصل بينهم يوم القيامة . ويدل لهذا المفهوم قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ } [ الطور : 21 ] ، وقوله تعالى في دعاء الملائكة من حمله العرش للمؤمنين : { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } [ غافر : 8 ] . وهذه الآية بيان واضح في أن روابط الدين أقوى وألزم من روابط النسب . وهذا المعنى بالذات تقدم للشيخ رحمة الله تعالى عليه ، الكلام عليه عند قوله تعالى : { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [ الإسراء : 9 ] والآية الآتية بيان واضح لحقيقة هذا المعنى وشموله في جميع الأمم .