Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 9-10)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ } . يوم الجمع هو يوم القيامة ، وقال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه : ظرف منصوب بأذكر مقدرة أو بقوله { خَبِيرٌ } [ التغابن : 8 ] . فيكون المعنى : أنه يوم القيامة خبير بأعمالكم في الدنيا لم يخف عليه منها شيء فيجازيكم عليها ، سمي يوم الجمع لأنه يجمع فيه الأولون والآخرون في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، كما قال تعالى : { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [ الواقعة : 49 - 50 ] . وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام عليه في عدة مواضع منها في الجزء الثالث عند قوله تعالى : { ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ } [ هود : 103 ] . ومنها في الجزء السابع عند الآية المتقدمة ، { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [ الواقعة : 49 - 50 ] . ومن أصرح الأدلة فيه : آية الشورى { وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } [ الشورى : 7 ] ، ثم قال : { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [ الشورى : 7 ] . قوله تعالى : { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } . الغبن : الشعور بالنقص ومثله الخبن لاشتراكهما في حرفين من ثلاثة ، كما في فقه اللغة ، فبينهما تقارب في المعنى كتقاربهم في الحرف المختلف ، وهو الغين والخاء ولخفاء الغين في الحلق وظهور الخاء عنها كان الغبن لما خفي ، والخبن لما ظهر . وقد بين تعالى موجب الغبن للغابن والمغبون فقال : { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } ، وبين حال المغبون بقوله : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ التغابن : 10 ] . وقد بين العلماء حقيقة الغبن في هذا المقام بأن كل إنسان له مكان في الجنة ومكان في النار . فإذا دخل أهل النار النار بقيت أماكنهم في الجنة ، وإذا دخل أهل الجنة الجنة بقيت أماكنهم في النار . وهناك تكون منازل أهل الجنة في النار لأهل النار ، ومنازل أهل النار في الجنة لأهل الجنة يتوارثونها عنهم ، فيكون الغبن الأليم ، وهو استبدال مكان في النار بمكان في الجنة ورثوا أماكن الآخرين الذين ذهبوا إلى النار .