Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 16-16)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر أبو حيان قراءة { ءَأَمِنتُم } عدة قراءات من تحقيق الهمزتين ، ومن تسهيل الثانية ومن إدخال ألف بينهما وغير ذلك ، والخسف ذهابها سفلاً ، كما خسف بقارون ، والمور الحركة المضطربة أو الحركة بسرعة ، وقد ثبتها تعالى بالجبال أوتاداً كما قال : { وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعاً لَّكُمْ } [ النازعات : 32 - 33 ] ، ومن السماء . قال ابن جرير : هو الله تعالى اهـ . وعزاه القرطبي لابن عباس ، ويشهد لما قاله : ما جاء بعده من خسف الأرض وإرسال الحاصب ، فإنه لا يقدر عليه إلا الله ، كما أنه ظاهر النص ، وبهذا يرد على الكسائي فيما ذهب إليه ومن تبعه عليه كأبي حيان ، إذا قالوا : إنه على تقدير محذوف من قبيل المجاز ، ومجازه عندهم أن ملكوته في السماء أي على حذف مضاف وملكوته في كل شيء ، ولكن خص السماء بالذكر ، لأنها مسكن ملائكته ، وثم عزته وكرسيه واللوح المحفوظ ، ومنها تتنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونهيه . إلخ . وقيل : هو جبريل لأنه الموكل بالخسف ، وقيل : إنه مجاراة لهم في معتقدهم بأن الله في السماء ، وهذه الأقوال مبناها على نفي صفة العلو لله تعالى ، وفراراً من التشبيه في نظرهم ، ولكن ما عليه السلف خلاف ما ذهبوا إليه ، ومعتقد السلف هو طبق ما قاله ابن جرير لحديث الجارية : " أين الله ؟ قالت في السماء ، قال : اعتقها فإنها مؤمنة " ولعدة آيات في هذا المعنى . وقد بحث الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه هذا المبحث بأوسع وأوضح ما يمكن مما لم يدع لبساً ولا يترك شبهة ، ولا يستغني عنه مسلم عالماً كان أو متعلماً ، فالعالم يأخذ منه منهج التعليم السليم وأسلوب البيان الحكيم ، والمتعلم يأخذ منه ما يجب عليه من معتقد قويم واضح جلي سليم . وقد يقال : إن معنى في هو الظرفية ، فنجعل السماء ظرفاً لله تعالى ، وهذا يقتضي التشبيه بالمتحيز . فيقال : إنه سبحانه منزه عن الظرفية بالمعنى المعروف والمنصوص في حق المخلوق . وقد دلت النصوص من السنة على نفي ذلك عنه تعالى واستحالته عقلاً عليه سبحانه في حديث : " ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة أو دراهم في ترس ، وما الكرسي في العرش إلا كحلقة في فلاة ، وما العرش في كف الرحمن إلا كحبة خردل في كف أحدكم " فانتفت ظرفية السماء له سبحانه على المعروف لنا ، ولأنه سبحانه مستو على عرشه . وفيما قدمه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في هذا المبحث شفاء وغناء ، ولله الحمد والمنة . قال القرطبي : إن في السماء بمعنى فوق السماء كقوله : { فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ } [ التوبة : 2 ] أي فوقها لا بالمماسة والتحيز وقيل : في بمعنى على كقوله : { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } [ طه : 71 ] أي عليها إلى أن قال : والأخبار في هذا الباب كثيرة صحيحة منتشرة مشيرة إلى العلو لا يدفعها إلا ملحد أو جاهل أو معاند ، والمراد بها توقيره وتنزيهه عن السفل والتحت ووصفه بالعلو اهـ . وهذا الذي ذكره هو عين مذهب السلف ، وقد ذكر كلاماً آخره فيه التأويل وفيه التنزيه .