Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 22-23)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وصف الله تعالى من استثناهم من الإنسان الهلوع بتسع صفات . اثنتان منها تختص بالصلاة ، وهما الأولى والأخيرة مما يدل على أهمية الصلاة ، ووجوب شدة الاهتمام بها . وهذا من المسلمات في الدين لمكانتها من الإسلام ، وفي وصفهم هنا بأنهم على صلاتهم دائمون ، وفي الأخير ، على صلاتهم يحافظون . قال في الكشاف : الدوام عليها المواظبة على أدائها لا يخلون بها ، ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل . وذكر حديث عائشة مرفوعاً " أحب الأعمال إلى الله أدومها ولو قل " . ويشهد لهذا الذي قاله قوله تعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً } [ النور : 36 - 37 ] وقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } [ الجمعة : 9 ] . قال : والمحافظة عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها ، ويقيموا أركانها ويكملوها بسننها وآدابها ، وهذا يشهد له قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } [ المؤمنون : 1 - 2 ] . وحديث المسيء صلاته ، حيث قال له صلى الله عليه وسلم : " ارجع فصل فإنك لم تصل " ، فنفى عنه أنه صلى الله مع إيقاعه الصلاة أمامه ، وذلك لعدم الحفاظ عليها بتوفيتها حقها . وقد بدأ الله أولئك المستثنين وختمهم بالصلاة مما يفيد أن الصلاة أصل لكل خير ، ومبدأ لهذا المذكور كله لقوله تعالى : { وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَاشِعِينَ } [ البقرة : 45 ] فهي عون على كل خير . ولقوله تعالى : { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } [ العنكبوت : 45 ] ، فهي سياج من كل منكر ، فجمعت طرفي المقصد شرعاً ، وهما العون على الخير والحفاظ من الشر أي جلب المصالح ودرء المفاسد ، ولذا فقد عني بها النَّبي صلى الله عليه وسلم كل عنايتها ، كما هو معلوم ، إلى الحد الذي جعلها الفارق والفيصل بين الإسلام والكفر في قوله صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، من ترك الصلاة فقد كفر " . واتفق الأئمة رحمهم الله على قتل تاركها . وكلام العلماء على أثر الصلاة على قلب المؤمن وروحه وشعوره وما تكسبه من طمأنينة وارتياح كلام كثير جداً توحي به كله معاني سورة الفاتحة .