Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 75, Ayat: 26-30)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لم يبين ما هي التي بلغت التراقي ولكنه معلوم أنها الروح ، كما في قوله تعالى : { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنُظرُونَ } [ الواقعة : 83 - 84 ] - إلى قوله - { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ الواقعة : 87 ] ، فهذه حالات النزع والروح تبلغ الحلقوم وتبلغ التراقي . وقد يترك التصريح للعلم كما في قوله تعالى : { إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } [ ص : 32 ] أي الشمس ، وهكذا هنا فلمعرفتها بالقرائن ترك التصريح بالروح أو النفس ، وقد صرح تعالى بذلك في قوله : { وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ } [ الأنعام : 93 ] الآية . وقوله تعالى : { وَقِيلَ مَن رَاقٍ } . اختلف في معنى راق هذه ، فقيل من الرقية أي قال من حوله : من يرتقيه هل من طبيب يرقيه ؟ أي حالة اشتداد الأمر عليه رجاء لشفاه أو استبعاداً بأنه لا ينفعه ، وقيل : من الرقى أن تقول الملائكة من الذي سيرقى بروحه أملائكة العذاب أم ملائكة الرحمة ؟ ولكن في الآية آية قرينة على أن الأول أرجح ، لأن قول الملائكة يكون في حق الشخص المتردد في أمره ، وهذا هنا ليس موضع تردد لأن نهاية السياق فيه { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } [ القيامة : 31 - 32 ] إلى ما بعده . وقال أبو حيان : على أنه من قول الملائكة من يرقى بروحه ، يكون ذلك كراهية . منهم أن يصعدوا بها ، وفي هذا نظر ، لأن الله تعالى جعل ملائكة للمشركين وهم ملائكة العذاب ، وملائكة للمؤمنين ، وهم ملائكة الرحمة . ولا يستكره فريق منهما أن يصعد بما تخصص له ، بل قد لا يسمح للآخر بما يخصه . كما في حديث الذي قتل مائة نفس ، وأدركته الوفاة في منتصف الطريق ، فحضرته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب يختصمون أيهم يصعد بروحه ، كل يريد أن يتولى قبض روحه أولئك يقولون : إنه قتل مائة نفس ولم يعمل خيراً قط ، وأولئك يقولون : إنه خرج تائباً إلى الله تعالى . وهذا كما تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه من ترجيح أحد المعنيين المختلف فيهما بين المفسرين لوجود قرينة في الآية . وقد وجدت القرينة وهي ما في آخر الآية والسياق من أنه ليس موضع تردد { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } الآية . والله تعالى أعلم .