Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 15-16)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه التنصيص على أواني الفضة في الجنة . وجاء بصحاف من ذهب وأكواب ، وهي محرمة في الدنيا ، كما هو معلوم ، وقد بين تعالى أن الذي يطوف عليهم هم { وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } [ الإنسان : 19 ] . وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الطور عند قوله { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمِ غِلْمَانٌ لَّهُمْ } [ الطور : 24 ] ، والقوارير جمع قارورة ، والعرب تطلق القارورة على إناء الزجاج خاصة ، ولكن الآية صريحة في أنها قوارير من فضة ، مما دل على صحة إطلاق القارورة ، على غير آنية الزجاج كالفضة مثلاً . قال صاحب اللسان : والقارورة : ما قر فيه الشراب وغيره ، وقيل : لا يكون إلا من الزجاج خاصة . وقوله تعالى : { قَوَارِيرَاْ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ } [ الإنسان : 15 - 16 ] قال بعض أهل العلم : معناه أواني زجاج في بياض الفضة وصفاء القوارير ، قال ابن سيده : وهذا أحسن اهـ . وقال ابن شدياق في معجم مقاييس اللغة : إن مادة قر ، القاف والراء أصلان صحيحان يدل أحدهما على برد ، والآخر على تمكن ، وذكر من التمكن استقر ومستقر ، كما ذكر صاحب اللسان كثيراً من ذلك ثم قال : ومن الباب القر : بضم الراء : صب الماء في الشيء . يقال : قررت الماء ، والقر صب الكلام في الأذن ، وذكر منه الإقرار ضد الجحود لاستقرار الحق به . ثم ذكر مسألة إثبات اللغة بالسماع أو بالقياس فقال : وهذه مقاييس صحيحة ، فإما أن نتعدى ونتحمل الكالم كما بلغنا عن بعضهم أنه قال : سميت القارورة لاستقرار الماء فيها وغيره ، فليس هذا من مذهبنا . وقد قلنا : إن كلام العرب ضربان . منه ما هو قياس وقد ذكرناه ، ومنه ما وضع وضعاً . والمسألة من مباحث الأصول في الألفاظ ، هل هي بوضع لا يقاس عليه وتبقى كما وضعتها العرب ، أو أنها توضع بالقياس ؟ وفائدة الخلاف هل المسكرات كلها مثلاً يتناولها مسمى الخمر بالوضع فتكون محرمة بنص { إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ } [ المائدة : 90 ] الية ، أو أنها محرمة قياساً على الخمر بجامع علة الإسكار وعليه ، فإذا كانت اللغة تساعد على الإطلاق قياساً ، فهو أقوى في الحكم بأن يأتي الحكم بالنص لا بالقياس بجامع العلة . ولعل التحقيق في هذه المسألة ما قاله علماء الوضع من أن اللغات منها توقيفي ومنها قياسي . وفي قوله تعالى : { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } توجيه إلى حسن الصنع في التسوية في التقدير ، والمقاسات .