Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 8-9)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف في مرجع الضمير في على حبه ، هل هو راجع على الطعام أم على الله تعالى ؟ أي ويطعمون الطعام على حب الطعام لقلته عندهم وحاجتهم إليه ، أم على حب الله رجاء ثواب الله ؟ وقد رجح ابن كثير المعنى الأول ، وهو اختيار ابن جرير وساق الشواهد على ذلك كقوله { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } [ البقرة : 177 ] ، وقوله { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } [ آل عمران : 92 ] . والواقع أن الاستدلال الأول فيه ما في هذه الآية ولكن أقرب دليلاً وأصرح ، قوله تعالى : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [ الحشر : 9 ] . وفي الآية التي بعدها في هذه السورة قرينة تشهد لرجوعه للطعام على ما تقدم ، وهي قوله تعالى بعدها { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } [ الإنسان : 9 ] لأنها في معنى حب الله . مما يجعل الأولى للطعام وهذه لله . والتأسيس أولى من التأكيد ، فيكون السياق : ويطعمون الطعام على حاجتهم إياه ، ولوجه الله تعالى . والله تعالى أعلم . مسألة في قوله تعالى : { مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } جمع أصناف ثلاثة : الأول والثاني من المسلمين غالباً أما الثالث وهو الأسير فلم يكن لدى المسلمين أسرى إلا من الكفار ، وإن كانت السورة مكية إلا أن العبرة بعموم اللفظ كما هو معلوم . وقد نقل ابن كثير عن ابن عباس : أنها في الفرس من المشركين وساق قصة أسارى بدر . واختار ابن جرير أن الأسرى هم الخدم ، والذي يظهر والله تعالى أعلم أن الأسارى هنا على معناها الحقيقي ، لأن الخدم لا يخرجون عن القسمين المتقدمين اليتيم والمسكين ، وهؤلاء الأسارى بعد وقوعهم في الأسر ، لم يبق لهم حول ولا طول . فلم يبق إلا الإحسان إليهم . وهذا من محاسن الإسلام وسمو تعاليمه ، وإن العالم كله اليوم لفي حاجة إلى معرفة هذه التعاليم السَّماوية السامية حتى مع أعدائه ، وقد تقدم شيء من ذلك عند الكلام على قوله تعالى : { لاَّ يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوۤاْ إِلَيْهِمْ } [ الممتحنة : 8 ] ، وهؤلاء بعد الأسر ليسوا مقاتلين .