Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 29-30)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وصفهم بالإجرام هنا يشعر بأنه السبب في ضحكهم من المؤمنين وتغامزهم بهم ، وتقدم في سورة البقرة بيان موجب آخر في قوله تعالى : { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ البقرة : 212 ] . وقد بين تعالى في سورة البقرة أن الذين اتقوا فوق هؤلاء يوم القيامة ، والله يرزق من يشاء بغير حساب . وتكلم الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه هناك ، وأحال على هذه الآية في البيان لنوع السخرية ، وزاد البيان في سورة الأحقاف على قوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ } [ الأحقاف : 11 ] . ومن الدافع لهم على هذا القول ونتيجة قولهم ، وساق آية المطففين عندها ، وكذلك عند أول سورة الواقعة على قوله تعالى : { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } [ الواقعة : 3 ] . ومما تجدر الإشارة إليه ، أن هذه الحالة ليست خاصة بهذه الأمة ، بل تقدم التنبيه على أنها من غيرها ممن تقدم من الأمم . ففي قوم نوح : { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ } [ هود : 38 ] . وكان نفس الجواب عليهم : { قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [ هود : 38 - 39 ] . وجاء بما يفيد أكثر من ذلك حتى بالرسل في قوله تعالى : { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [ الأنبياء : 41 ] . ومثلها في سورة الأنبياء بنص الآية المذكورة . تنبيه إذا كان هذا حال بعض الذين أجرموا مع بعض ضعفه المؤمنين ، وكذلك حال بعض الأمم مع رسلها ، فإن الداعية إلى الله تعالى يجب عليه ألا يتأثر بسخرية أحد منه ، ويعلم أنه على سنن غيره من الدعاة إلى الله تعالى ، وأن الله تعالى سينتصر له إما عاجلاً وإما آجلاً ، كما في نهاية كل سياق من هذه الآيات .