Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 87, Ayat: 3-3)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أطلق هنا التقدير ليعم كل مقدور ، وهو عائد على كل مخلوق ، لأن من لوازم الخلق التقدير ، كما قال تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [ القمر : 49 ] ، وقوله : { قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } [ الطلاق : 3 ] ، وهذه الآية ومثيلاتها من أعظم آيات القدرة ، وقد جمعها تعالى عند التعريف التام لله تعالى ، لما سأل فرعون نبي الله موسى عن ربه قال : { فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ * قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [ طه : 49 - 50 ] . وقد تقدم بيان عموم قوله تعالى : { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } [ الأعلى : 2 ] وهنا قدر كل ما خلق ، وهدى كل مخلوق إلى الله ما قدره له ، ففي العالم العلوي قدَّر مقادير الأمور ، وهدَى الملائكة لتنفيذها ، وقدَّر الأفلاك ، وهداها إلى ما قدر لها ، كل في فلك يسبحون . وفي الأشجار والنباتات قدر لها أزمنة معينة في إيتائها وهدايتها إلى ما قدر لها ، فالجذر ينزل إلى أسفل والنبتة تنمو إلى أعلى ، وهكذا الحيوانات في تلقيحها ونتاجها وإرضاعها ، كل قد هداه إلى ما قدر له ، وهكذا الإنسان . وقد قال الفخر الرازي : إن العالم كله داخل تحت منطوق هذه الآية . أما معناه بالتفصيل ، فتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة طه عند الكلام على قوله تعالى : { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [ طه : 50 ] .