Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 95, Ayat: 8-8)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

السؤال كما تقدم في { أَلَمْ نَشْرَحْ } [ الشرح : 1 ] ، أي للإثبات ، وهو سبحانه وتعالى بلا شك أحكم الحاكمين ، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأها قال : " اللهم بلى " كما سيأتي . وأحكم الحاكمين ، قيل : أفعل تفضيل من الحكم أي أعدل الحاكمين ، كما في قوله تعالى : { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [ الكهف : 49 ] . وقيل : من الحكمة ، أي في الصنع والإتقان والخلق ، فيكون اللفظ مشتركاً ، ولا يبعد أن يكون من المعنيين معاً ، وإن كان هو في الحكم أظهر ، لأن الحكيم من الحكمة يجمع على الحكماء . فعلى القول بالأمرين : يكون من استعمال المشترك في معنييه معاً ، وهو هنا لا تعارض بل هما متلازمان ، لأن الحكيم لا بد أن يعدل ، والعادل لا بد أن يكون حكيماً يضع الأمور في مواضعها . وقد بين تعالى هذا المعنى في عدة مواطن كقوله تعالى : { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } [ ص : 28 ] ، الجواب : لا ، وكقوله : { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } [ الجاثية : 21 ] ، وفي قوله { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } بيان لعدم عدالتهم في الحكم ، وبعده عن الحكمة . ومعلوم أن عدم التسوية بينهم في مماتهم أنه بالبعث والجزاء ، فهو سبحانه أحكم الحاكمين في صنعه وخلقه . خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وأعدل الحكام في حكمه لم يسوّ بين المحسن والمسيء . وقد اتفق المفسرون على رواية الترمذي لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " من قرأ والتين والزيتون ، فقرأ أليس الله بأحكم الحاكمين ، فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين " . ومثله عن جابر مرفوعاً ، وعن ابن عباس قوله : " سبحانك اللهم ، فبلى " والعلم عند الله تعالى .