Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 110-111)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذكر المفسرون فى سبب نزول قوله - تعالى - { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ … } ذكروا روايات منها ما أخرجه ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال " وصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات يوم فدعا الله - تعالى - فقال يا الله ، يا رحمن ، فقال المشركون انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين فنزلت " . ومعنى ادعوا ، سموا ، و { أو } للتخيير . و { أيا } اسم شرط جازم منصوب على المفعولية بقوله { ادعوا } والمضاف إليه محذوف ، أى أى الاسمين . و { تدعواْ } مجزوم على أنه فعل الشرط لأيّاً ، وجملة { فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ } واقعة موقع جواب الشرط ، و { ما } مزيدة للتأكيد . والحسنى مؤنث الأحسن الذى هو أفعل تفضيل . والمعنى قل يا محمد للناس سموا المعبود بحق بلفظ الله أو بلفظ الرحمن بأى واحد منهما سميتموه فقد أصبتم ، فإنه - تعالى - له الأسماء الأحسن من كل ما سواه ، وقال - سبحانه - { فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ } للمبالغة فى كمال أسمائه - تعالى - وللدلالة على أنه ما دامت أسماؤه كلها حسنة ، فلفظ الله ولفظ الرحمن كذلك ، كل واحد منهما حسن . وقد ذكر الجلالان عند تفسيرهما لهذه الآية ، أسماء الله الحسنى ، فارجع إليها إن شئت . وقوله - سبحانه - { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } تعليم من الله - تعالى - لنبيه كيفية أفضل طرق القراءة فى الصلاة . فالمراد بالصلاة هنا القراءة فيها . والجهر بها رفع الصوت أثناءها ، والمخافتة بها خفضه بحيث لا يسمع . يقال خفت الرجل بصوته إذا لم يرفعه ، والكلام على حذف مضاف . والمعنى ولا تجهر يا محمد فى قراءتك خلال الصلاة ، حتى لا يسمعها المشركون فيسبوا القرآن ، ولا تخافت بها ، حتى لا يسمعها من يكون خلفك ، بل أسلك فى ذلك طريقا وسطا بين الجهر والمخافتة . ومما يدل على أن المراد بالصلاة هنا القراءة فيها ، ما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عباس . قال نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة ، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فإذا سمع ذلك المشركون ، سبوا القرآن ، ومن أنزله ومن جاء به ، فأمره الله بالتوسط . وقيل المراد بالصلاة هنا الدعاء . أى لا ترفع صوتك وأنت تدعو الله ، ولا تخافت به . وقد روى ذلك عن عائشة ، فقد أخرج الشيخان عنها أنها نزلت فى الدعاء . ويبدو لنا أن التوجيهات التى بالآية الكريمة تتسع للقولين ، أى أن على المسلم أن يكون متوسطاً فى رفع صوته بالقراءة فى الصلاة ، وفى رفع صوته حال دعائه . ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بهذه الآية { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً . … } . أى وقل - أيها الرسول الكريم - الحمد الكامل ، والثناء الجميل ، لله - تعالى - وحده ، الذى لم يتخذ ولداً لأنه هو الغنى ، كما قال - تعالى - { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ … } ولم يكن له ، - سبحانه - { شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ } بل هو المالك لكل شىء ليس له فى هذا الكون من يزاحمه أو يشاركه فى ملكه أو فى عبادته . كما قال - تعالى - { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } وكما قال - عز وجل - { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ } أى ولم يكن له - سبحانه - ناصر ينصره من ذل أصابه أو نزل به ، لأنه - عز وجل - هو أقوى الأقوياء ، وقاهر الجبابرة ، ومذل الطغاة ، { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } { وكبره تكبيرا } أى وعظمه تعظيماً تاماً كاملاً ، يليق بجلاله عز وجل . قال الإِمام ابن كثير عن قتادة أنه قال ذكر لنا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعلم أهله كبيرهم وصغيرهم هذه الآية . { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً … } . ثم قال ابن كثير وقد جاء فى حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها آية العز .