Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 71-73)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله { فانطلقا } بيان لما حدث منهما بعد أن استمع كل واحد منهما إلى ما قاله صاحبه . أى فانطلق موسى والخضر - عليهما السلام - على ساحل البحر ، ومعهما يوشع بن نون ، ولم يذكر فى الآية لأنه تابع لموسى . ويرى بعضهم أن موسى - عليه السلام - صرف فتاه بعد أن التقى بالخضر . أخرج الشيخان عن ابن عباس أنهما انطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم ، فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نَوْلٍ أى أجر ، . وقوله { حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا } بيان لما فعله الخضر بالسفينة . أى فانطلقا يبحثان عن سفينة ، فلما وجداها واستقرا فيها ، ما كان من الخضر إلا أن خرقها . قيل بأن قلع لوحا من ألواحها . وهنا ما كان من موسى إلا أن قال له على سبيل الاستنكار والتعجب مما فعله { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا … } . أى أفعلت ما فعلت لتكون عاقبة الراكبين فيها الغرق والموت بهذه الصورة المؤلمة ؟ { لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } ، والإِمْر الداهية . وأصله كل شئ شديد كبير ، ومنه قولهم إن القوم قد أَمِرُوا . أى كثُروا واشتد شأنهم . ويقال هذا أَمْرُ إِمْرُ ، أى منكر غريب . أى قال موسى للخضر بعد خرقه للسفينة لقد جئت شيئا عظيما ، وارتكبت أمرا بالغا فى الشناعة . حيث عرضت ركاب السفينة لخطر الغرق . وهنا أجابه الخضر بقوله { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } أى ألم أقل لك سابقا إنك لن تستطيع مصاحبتى ، ولا قدرة لك على السكوت على تصرفاتى التى لا تعرف الحكمة من ورائها ؟ ولكن موسى - عليه السلام - رد معتذرا لما فرط منه وقال { لا تؤاخذنى } أيها العبد الصالح ، بما نسيت ، أى بسبب نسيانى لوصيتك فى ترك السؤال والاعتراض حتى يكون لى منك البيان . { وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } أى ولا تكلفنى من أمرى مشقة فى صحبتى إياك . يقال أرهق فلان فلانا . إذا أتعبه وأثقل عليه وحمله ما لا يطيقه . والمراد التمس لى عذرا بسبب النسيان ، ولا تضيق على الأمر ، فإن فى هذا التضييق ما يحول بيني وبين الانتفاع بعلمك . وكأن موسى - عليه السلام - الذى اعتزم الصبر وقدم المشيئة ، ورضى بشروط الخضر فى المصاحبة … كأنه قد نسى كل ذلك أمام المشاهدة العملية ، وأمام التصرف الغريب الذى صدر من الخضر دون أن يعرف له سببا . وهكذا الطبيعة البشرية تلتقى فى أنها تجد للتجربة العملية وقعا وطعما ، يختلف عن الوقع والطعم الذى تجده عند التصور النظرى . فموسى - عليه السلام - وعد الخضر بأنه سيصبر … إلا أنه بعد أن شاهد ما لا يرضيه اندفع مستنكرا . أما الحادث الثانى الذى لم يستطع موسى أن يقف أمامه صامتا ، فقد حكاه القرآن فى قوله { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً … } .